طالب عبد العزيز
ربما كانت فكرة "التحدي" التي أطلقها بعض المدونين على صفحات الفيسبوك دافعاً لكتابة المادة هذه،. وبدا لي واضحاً أنَّ قوة الحياة وإرادة الجمال هي الدافع لذلك التحدي، وربما تكون قوة اليأس والاحباط عند البعض أيضاً وراء إعلان التحدي،
لكن، وبصورة عامة نحن، وكأي بني الانسان على الكوكب الخرب هذا، ما زلنا نتعرض لضغط هاتين القوتين. الحياة أو الموت. يا لها من معادلة صعبة. لكنني، ومن باب أول أرى أن إرادة الحياة أقوى، وهي التي ستنتصر في الأخير.
في لحظة مارقة مجنونة، كنت قد نشرتُ صورتي، وأنا جالس على طاولة، في مكان ما من الأرض، أمامي علبة بيرة وكأس شُرِبَ منها الكثير، مع دفتر صغير وقلم، ربما كنت انتظر قصيدة ما، وواضح أن الصورة قد التقطت في مكان جميل، خارج العراق، أعرف أنها خدشت حياء البعض من الأهل، مثلما أعرف أنها محط إعجاب البعض من الأهل والأصدقاء، لكنني، وفي كلا الحالين لا أعاني من شيء، لا القبول ولا الرفض يعنيان شيئاً لي، هي حياتي، التي أريد انفاقها دفعة واحدة، ولعلها ستكون أجمل ما تكون إن انفقتها ثملاً على سرير امرأة أحببتها، فلا أراني منسجماً، متوازناً خلف قناع، أنا هكذا، وليذهب الذين لا يُريدونها هكذا الى الجحيم.
كم سأحتاج من الإنزواء خلف اللغة كيما أبدو غير واضح لأكتب عنها، أقصد حياتي، أو المرأة التي أحب ؟ وقد مضت السنون بي عجلى سريعة، وقد تبدد مثل خرقةٍ كل ما كان قائماً من الحلم ذات يوم. أعلم أن ليس بمقدور الشرقي العربي التكلم عن نفسه، وإن بالغ في شجاعته، وأقرُّ بأننا محكومون بزوايا حادة قاتلة، نقبع فيها مع انفسنا، بأسرارها وممكناتها، وقد يكون الرجل الأوفر حظاً في البوح، لكنَّ المرأة في شرقنا البائس هذا لا حظوظ لها هنا، فهي واقعة تحت مطرقة منظومتنا الاجتماعية- الدينية، تنوء بها، فتتظلمُ صامتةً، إذ كل إشارة منها خدش للحياء، وكل شجاعة فيها عهر، وكل يافطة تحمل اسمها إهانة للقبيلة.
كان بودي، وفي مادة للشعر أو في الصحافة تسمية النساء اللواتي مررن بحياتي، أو مررتُ بحياتهن، ولا أظنهنَّ سيبدين غير سعيدات بذلك، يقول أدونيس:" هل ترين حرجاً إذا أهديتك وردةً، فتقول: أبداً، هذا مجد لي". ترى، كم من الأوجاع تركنا ونترك في مراوغتنا وصمتنا هذا؟ تقول حبيبة قديمة، أنا أمسحُ كلامي في الماسنجر بعد كل حديث معك. وأفعل أنا ذات الفعلة، أيضاً. لنتصور إذن، حجم الخسارات التي تتعرض لها أرواحنا، نحن المتعلقين ببعضنا من الرجال والنساء، ثم لنتصور ما تتعرض اللغة له كل ليلة، جراء ذلك، هل وقفنا على عدد المحبين الذين يمسحون أحاديثهم عقب ساعة أو ساعتين من البوح والشجن والانتماء؟ ما نحن صانعون بأنفسنا وبلغتنا وكتاباتنا يا ترى؟ لنتصور عدد الصفحات الصادقة التي نمزّقها وبوعي منا كل ليلة، هل ثمة ضرر أبلغ من هذا الذي نتعرض له في قلوبنا وأعصابنا وأرواحنا وفي مادة حياتنا، كان فوكو يقول لا يبلغ الإنسان حريته إلا في سكره ووجوده عارياً مع امرأة. أنا أكتب ما يحرضني على الحياة، وما أخسر فيه أغلالي.