اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: لا أراني متوازناً خلف قناع

قناطر: لا أراني متوازناً خلف قناع

نشر في: 4 إبريل, 2020: 06:14 م

 طالب عبد العزيز

ربما كانت فكرة "التحدي" التي أطلقها بعض المدونين على صفحات الفيسبوك دافعاً لكتابة المادة هذه،. وبدا لي واضحاً أنَّ قوة الحياة وإرادة الجمال هي الدافع لذلك التحدي، وربما تكون قوة اليأس والاحباط عند البعض أيضاً وراء إعلان التحدي،

لكن، وبصورة عامة نحن، وكأي بني الانسان على الكوكب الخرب هذا، ما زلنا نتعرض لضغط هاتين القوتين. الحياة أو الموت. يا لها من معادلة صعبة. لكنني، ومن باب أول أرى أن إرادة الحياة أقوى، وهي التي ستنتصر في الأخير.

في لحظة مارقة مجنونة، كنت قد نشرتُ صورتي، وأنا جالس على طاولة، في مكان ما من الأرض، أمامي علبة بيرة وكأس شُرِبَ منها الكثير، مع دفتر صغير وقلم، ربما كنت انتظر قصيدة ما، وواضح أن الصورة قد التقطت في مكان جميل، خارج العراق، أعرف أنها خدشت حياء البعض من الأهل، مثلما أعرف أنها محط إعجاب البعض من الأهل والأصدقاء، لكنني، وفي كلا الحالين لا أعاني من شيء، لا القبول ولا الرفض يعنيان شيئاً لي، هي حياتي، التي أريد انفاقها دفعة واحدة، ولعلها ستكون أجمل ما تكون إن انفقتها ثملاً على سرير امرأة أحببتها، فلا أراني منسجماً، متوازناً خلف قناع، أنا هكذا، وليذهب الذين لا يُريدونها هكذا الى الجحيم. 

كم سأحتاج من الإنزواء خلف اللغة كيما أبدو غير واضح لأكتب عنها، أقصد حياتي، أو المرأة التي أحب ؟ وقد مضت السنون بي عجلى سريعة، وقد تبدد مثل خرقةٍ كل ما كان قائماً من الحلم ذات يوم. أعلم أن ليس بمقدور الشرقي العربي التكلم عن نفسه، وإن بالغ في شجاعته، وأقرُّ بأننا محكومون بزوايا حادة قاتلة، نقبع فيها مع انفسنا، بأسرارها وممكناتها، وقد يكون الرجل الأوفر حظاً في البوح، لكنَّ المرأة في شرقنا البائس هذا لا حظوظ لها هنا، فهي واقعة تحت مطرقة منظومتنا الاجتماعية- الدينية، تنوء بها، فتتظلمُ صامتةً، إذ كل إشارة منها خدش للحياء، وكل شجاعة فيها عهر، وكل يافطة تحمل اسمها إهانة للقبيلة.

كان بودي، وفي مادة للشعر أو في الصحافة تسمية النساء اللواتي مررن بحياتي، أو مررتُ بحياتهن، ولا أظنهنَّ سيبدين غير سعيدات بذلك، يقول أدونيس:" هل ترين حرجاً إذا أهديتك وردةً، فتقول: أبداً، هذا مجد لي". ترى، كم من الأوجاع تركنا ونترك في مراوغتنا وصمتنا هذا؟ تقول حبيبة قديمة، أنا أمسحُ كلامي في الماسنجر بعد كل حديث معك. وأفعل أنا ذات الفعلة، أيضاً. لنتصور إذن، حجم الخسارات التي تتعرض لها أرواحنا، نحن المتعلقين ببعضنا من الرجال والنساء، ثم لنتصور ما تتعرض اللغة له كل ليلة، جراء ذلك، هل وقفنا على عدد المحبين الذين يمسحون أحاديثهم عقب ساعة أو ساعتين من البوح والشجن والانتماء؟ ما نحن صانعون بأنفسنا وبلغتنا وكتاباتنا يا ترى؟ لنتصور عدد الصفحات الصادقة التي نمزّقها وبوعي منا كل ليلة، هل ثمة ضرر أبلغ من هذا الذي نتعرض له في قلوبنا وأعصابنا وأرواحنا وفي مادة حياتنا، كان فوكو يقول لا يبلغ الإنسان حريته إلا في سكره ووجوده عارياً مع امرأة. أنا أكتب ما يحرضني على الحياة، وما أخسر فيه أغلالي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram