TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: في زمن الأوبئة

العمود الثامن: في زمن الأوبئة

نشر في: 5 إبريل, 2020: 08:39 م

 علي حسين

ينقسم العراق الجديد إلى قسمين: واحد يعشق الأحزاب ويهيم غراماً بزعمائها الذين انتفخت جيوبهم وأرصدتهم بعد عام 2003، وآخر يعشق العراق ويرفض أن يُدجّن ويُزدرى، ويحتقر الطائفية والهيمنة على مقدّرات البلاد،

وهناك بين هذا وذاك مَن يسمّون بالأغلبية الصامتة التي تذهب للانتخابات ليس حبّاً بفلان أو كرهاً لعلّان، لكنها تخاف على رزق أطفالها الذي يتحكم به مسؤولو العراق الجديد، الذين يتناسلون يوماً بعد آخر، في ألوان جديدة وطبعات جديدة، ولن يجرؤ أحد مهما علا شأنه أن يسألهم: ماذا تفعلون؟ لأنه سيُتّهم بالخيانة حتماً، وسيوضع اسمه إلى جانب اسم عدنان الزرفي الذي اكتشفنا والحمد لله أنه عميل.. تخيل جنابك، مسؤول يتولى هذه المناصب منذ عام 2003: "عضو هيئة الإعمار عام 2003، محافظ النجف عام 2004، عضو مجلس محافظة النجف 2006، مساعد شؤون الاستخبارات في وزارة الداخلية من عام 2006 إلى 2009، محافظ النجف من 2009 إلى 2012، ومحافظ النجف من 2012 إلى 2014.. وختمها بأن حصل على مقعد في مجلس النواب عام 2018.. فما بالك بكاتب مشاغب مثلي لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب؟، حتما سيكون عميلا إلى سابع جد.

والآن دعوني أسأل: لماذا الآن تم اكتشاف أن عدنان الزرفي عميل؟ وماذا ياسادة عن الصور الباسمة التي كان يلتقطها معه معظم المسؤولين؟، وكيف سُمح لعميل بأن يصبح محافظا لثلاث مرات؟، وأن يتولى منصبا حساسا في وزارة الداخلية؟ . أتمنى أن لا يعتقد البعض أن هذا المقال هو دفاع عن الزرفي، فأنا في هذا المكان بالذات سخرت من قرار مجلس محافظة النجف الذي صدر عام 2018 ببراءة عدنان الزرفي من ملفات الفساد .

أُعذروني فأنا في مرّات كثيرة لا أعرف ماذا أفعل حين أقرأ، أو أُشاهد مثل هذه الفعاليات "الطريفة"، هل أضحك من العبث والكوميديا السوداء؟، أم أصمت من شدّة الكآبة والحزن؟، من أبرز المضحكات والمبكيات التي تحاصرني هي أننا البلد الوحيد في العالم الذي تجاوز عدد الأحزاب فيه المئتين، ومعظمها أحزاب طائفية ودينية رفعت شعار "من خالفها فهو خائن وعميل". ومزقت ستارة الوئام والوفاق الوطني.

أيها العراقيين: إنسوا الديموقراطية العراقية الجديدة. وتعالوا نصر على حكومة لا تلغي أحداً ولا تخوِّن أحداً ولا تعزل أحداً، بل تدعو الجميع إلى المشاركة في إدارة الحياة وبناء المستقبل، تعالوا نتفق على أنّ مجلس النواب مكان للخدمة العامة، وليس للاحتيال والسرقة ، وكلّ ذلك لا يحتاج إلى 200 من الأحزاب التي جرّت البلاد إلى سرداب الخيبات وأنفاق العتمة التي لا ضوء في نهايتها. 

دعوني أسأل: أيهما أفضل للناس،أن ينشغل ساسة البلاد في زمن الأوبئة بملف الصحة ، أم ببيانات التخوين وصواريخ منتصف الليل ؟ 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram