اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مجرد كلام: عزلة قسرية

مجرد كلام: عزلة قسرية

نشر في: 6 إبريل, 2020: 06:40 م

 عدوية الهلالي

ماذا يمكن للكاتب أن يكتب عندما يكون محتجزاً ، وكيف ؟..هل يمكنه أن يمنح قلمه إجازة ، ربما ، لكن عقله سيظل مطلاً على العالم ..يمكنه إعادة اكتشاف ذاته والقيام برحلة خاصة داخل حجرته ..لكن زمن انتشار الوباء ليس وقتاً للابداع إذ لابد في البدء الاطمئنان على مصير الأحبة والتفكير في الآخرين ، ففي مثل هذه الأوقات الجحيمية ، لايمكن إلا أن نرتبط بالوعي الجماعي الذي يحركه الخوف اللاإرادي من الاوبئة ..

نحن من جيل نشأ في ظل الحروب ، وعلى الرغم من مخاطرها ، كان بعض الكتاب ينسجون كلماتهم في الملاجئ وكنا – كتاب المدن – نجيد الكتابة بعد سقوط صاروخ أو انفجار سيارة مفخخة ..لم نحلم يوماً بالسعادة التي صورتها لنا الكتب الخيالية بل كنا ننتزع سعادتنا المؤقتة من بين فكي الحرب ..

ولكن ..وفي زمن الفايروسات ، يصبح المشهد أكثر قتامة وكأن ألوانه جامدة وشخصياته تتحرك موضعياً بلا هدف ..ربما عبّر آراغون عن هذا الجمود عندما قال في احدى قصائده:" عندما تتعلم العيش ، يكون الوقت قد فات بالفعل " ، فعندما ننظر الى التقويم ، نكتشف أن هنالك موعداً تم الغاؤه ، واحداث حميمية مرت مرور الكرام ..وعندما ننظر الى الشارع يطالعنا الصمت القسري المحفوف بالقلق الذي احتوى مدننا وجعل الربيع يمر وحيداً وهو يتسلل إلينا حذراً على أطراف أصابعه ..

هنا ، لابد لنا أن نفكر في الكارثة ، ومانتج عن غرور البشر وغطرسته واهماله لكوكبه الجميل ، ففيه وحده يوجد التنفس والاوكسجين ، ولهذا يمكن أن نحدس الخطأ الرهيب الذي اصاب برمجيات العالم وخلق طلاقا بين الانسان والطبيعة ، فالأرض كما يبدو تتنفس بشكل أفضل بينما يهاجم الفايروس تنفس الانسان ويوقف أنشطته !!وهو مايرهب الانسان ويحيل العالم الى مايشبه فيلما من أفلام الخيال العلمي ، تلك الأفلام التي يقرر فيها الإنسان أن يدمر الأرض ويشيع الموت ..

لابد لنا أن نعترف أيضاً أن أولئك الذين يخاطرون بحياتهم لانقاذ حياة الآخرين من أطباء ومنقذين ومسعفين وممرضات هم أبطال هذه الحرب ، فلاشيء آخر يهم عندما يرتبط الأمر بانقاذ إنسان ..إنهم يعملون بنبل إنساني وشجاعة ويطالبوننا بعزلة تحمينا من الخطر ولاتستحق دعوتهم الاستخفاف بها وتجاهلها ..إذ ربما تكشف الأزمات حقيقتنا ، ويختبر الوباء انظمتنا الصحية وروحنا المدنية ووحدتنا الوطنية ، لكن العزلة القسرية ستكشف حتما حقيقة جديتنا في ممارسة دورنا الذاتي والوطني والانساني في حماية أنفسنا والآخرين والتضامن معهم ..عسى أن نتعلم كيف نعيش ، قبل أن يفوتنا الوقت .. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: جمهورية بالاسم فقط

 علي حسين ماذا سيقول نوابنا وذكرى قيام الجمهورية العراقية ستصادف بعد أيام؟.. هل سيقولون للناس إننا بصدد مغادرة عصر الجمهوريات وإقامة الكانتونات الطائفية؟ ، بالتأكيد سيخرج خطباء السياسة ليقولوا للناس إنهم متأثرون لما...
علي حسين

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

قناطر: بين خطابين قاتلين

طالب عبد العزيز سيكون العربُ متقدمين على كثير من شعوب الأرض بمعرفتهم، وإحاطتهم بما هم عليه، وما سيكونوا فيه في خطبة حكيمهم وخطيبهم الأكبر قس بن ساعدة الإيادي(حوالي 600 ميلادية، 23 سنة قبل الهجرة)...
طالب عبد العزيز

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram