TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بالمكشوف: زلزال تسعة أربعة

بالمكشوف: زلزال تسعة أربعة

نشر في: 8 إبريل, 2020: 07:38 م

 علاء حسن

في التاسع من نيسان عام 2003 تعرض العراق الى زلزال من نوع آخر لا يمكن قياسه بمقياس ريختر الشهير ، فالإطاحة بالنظام السابق بعملية عسكرية نفذها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة كانت حدثاً عده مسؤولو الإدارة الأميركية وقتذاك،

بانه سيكون بداية مرحلة الانتقال من النظام الشمولي الى فضاء الحرية والديمقراطية وإرساء قواعد بناء دولة مدنية تحترم حقوق الإنسان وتحقق التنمية ، وتعتمد مبدأ التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع.

جندي المارينز انتبه في اللحظات الأخيرة الى وضع العلم العراقي بدلاً من الاميركي على تمثال صدام بساحة الفردوس قبل إسقاطه بعجلة مدرعة ، وسط حضور أهالي الأحياء القريبة للاطلاع على مشهد لم يرد حتى في أحلامهم ، وسائل الإعلام من فضائيات عربية وأجنبية كان مراسلوها يقيمون في فندقين قريبين من الساحة نقلوا الحدث مباشرة ، فتوفرت فرصة للمشاهدين في دول خارجية لمشاهدة سقوط التمثال قبل العراقيين لأسباب تتعلق بتدمير محطات الطاقة الكهربائية، ونزوح أغلبهم الى مناطق اخرى خارج العاصمة.

زلزال تسعة أربعة بدأ بسقوط التمثال ثم تسارعت الأحداث، فحرمت من كان حاضراً في ساحة الفردوس من تأمل المشهد ورسم تصوراته الخاصة لمرحلة مقبلة ، ارتسمت على الوجوه ملامح تساؤلات كبيرة ، ربما لم تجد أجوبتها حتى بعد مرور سنوات على الحدث ، الدبابات والمدرعات أغلقت معظم شوارع العاصمة ، وبعضها تمركز بالقصر الجمهوري ، غاب المسؤولون واختفى رجال الاجهزة الأمنية مع عجلاتهم، ووزير الإعلام محمد سعيد الصحاف توارى عن الإنظار.

ارتفعت سحب دخان الحرائق في سماء بغداد بيوم الزلزال، أول مبنى تعرض للحرق مقر اللجنة الاولمبية ، والمشهد على الأرض يكشف عن انتشار مسلحين ، وبداية صفحة السلب والنهب ، الكراسي المتحركة في الدوائر الرسمية، حملت اجهزة الكومبيوترات والمكيفات المسروقة ، لم تسلم دائرة حكومية من السرقة ، أمام أنظار قوات الاحتلال الاميركي، وبوصول نزلاء مستشفى الرشاد الشماعية الى ساحة التحرير ، انتقل الجنون الى الآخرين ، فاندحر العقل ، وفضل الانزواء الى حين اختفاء أصوات اطلاق النار .

إذاعة قوات التحالف كانت تبث أخبارها بصوت مذيعة لا تجيد نطق اللغة العربية تتبعها باقة من الأغنيات العراقية القديمة ، تعود المذيعة لتقديم نصائح وارشادات للمستمعين بالابتعاد عن مواقع العمليات العسكرية ثم زفت بشرى وصول الجنرال كارنر ومساعدته بربارة لإدارة شؤون البلاد، فيما واصلت وسائل الإعلام تسليط الضوء على عمليات السلب والنهب ، وسرقة مقتنيات المتحف وتوجه قوة عسكرية اميركية لحماية وزارة النفط.

زلزال تسعة أربعة خلّف تداعيات في الساحة العراقية أبرز مظاهرها اندلاع العنف الطائفي ، والانقسام الطائفي ، وهيمنة نخب سياسية على المشهد فشلت في إدارة البلاد ، وجعلته كعصف مأكول ، تولّت مهمة كتابة الدستور فجعلت العراقيين يطبخون الحديدة منتظرين تناول المرق ، مع باقة من الأغنيات واللطميات .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تعطيل الدوام غداً في ذكرى النصر على داعش

الخطوط العراقية: 1523 رحلة و214 ألف مسافر خلال تشرين الثاني

العدل: تأهيل 3000 حدث خلال عامين وتحديث مناهج التدريب وفق سوق العمل

إيران تكشف لغمًا جوّيًا يصطاد الطائرات المسيّرة من السماء

هيئة الرصد تسجل 8 هزات أرضية في العراق والمناطق المجاورة خلال أسبوع

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

 علي حسين في السبعينيات سحرنا صوت مطرب ضرير اسمه الشيخ امام يغني قصائد شاعر العامية المصري احمد فؤاد نجم ولازالت هذه الاغاني تشكل جزءا من الذاكرة الوطنية للمثقفين العرب، كما أنها تعد وثيقة...
علي حسين

زيارة البابا لتركيا: مكاسب أردوغان السياسية وفرص العراق الضائعة

سعد سلوم بدأ البابا ليو الرابع عشر أول رحلة خارجية له منذ انتخابه بزيارة تركيا، في خطوة رمزية ودبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز التعاون مع الطوائف المسيحية المختلفة. جاءت الزيارة...
سعد سلّوم

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

احمد حسن تجربة الحكم في العراق ما بعد عام 2003 صارت تتكشف يوميا مأساة انتقال نموذج مؤسسات الدولة التي كانت تتغذى على فكرة العمومية والتشاركية ومركزية الخدمات إلى كيان سياسي هزيل وضيف يتماهى مع...
احمد حسن

الموسيقى والغناء… ذاكرة الشعوب وصوت تطوّرها

عصام الياسري تُعدّ الموسيقى واحدة من أقدم اللغات التي ابتكرها الإنسان للتعبير عن ذاته وعن الجماعة التي ينتمي إليها. فمنذ فجر التاريخ، كانت الإيقاعات الأولى تصاحب طقوس الحياة: في العمل، في الاحتفالات، في الحروب،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram