TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: انهيار قيمة الوطن !!

العمود الثامن: انهيار قيمة الوطن !!

نشر في: 10 إبريل, 2020: 08:46 م

 علي حسين

كان من المفترض، في مثل هذه الظروف التي يمر بها العراق سواء كانت اقتصادية مثل هبوط أسعار النفط وحالة الإفلاس التي نعاني منها، أو حياتية مثل وباء كورونا الذي يطيح بدول كبرى، أن يتواضع خطاب بعض الفصائل المسلحة قليلًا، وأن تفسح مجالا للكلام الإنساني بدلا من خطابات "سنحرق البلاد" والتي أصبحنا نسمعها تقال بصوت عال من دون خشية أو حتى احترام لقيمة البلاد. 

البعض يصر على أن لا قيمة للبلد من دون حماية مصالحه، لا قيمة للمواطن ما دام أسير السلاح والصواريخ التي تظهر علانية، فلتذهب البلاد إلى الجحيم، ومن ثم لم يعد عدد الإصابات بفايروس كورونا يشغل الساعين إلى إحراق العراق، لا يهم أن يموت المواطن، المهم أن تعيش الأحزاب. 

كان الفنان الراحل الكبير محمد القبانجي يقول "عُراق" بضمّ العين، وحين سُئل لماذا؟ قال مبتسما من يجرؤ أن يكسر عين العراق! اليوم نجد من يخرج على الفضائيات ليقول: سنحرق العراق. 

إن ما يثير الأسى هو أن يتهاوى اسم الوطن، وفي لحظةٍ كان المفترض أن يستعيد الجميع فطرتهم السويّة، ويتحدثون على اعتبار أن الوطن قيمة عليا لا يمكن التفريط بها ، نجد من يعلن كل يوم عن التصميم على اشعال الحرائق . 

وانا اكتب كلمة " عُراق " بدلا من عراق ، لا أريد أن أصبح "برأسكم" ضليعاً في شؤون اللغة العربية وخفاياها، فأنا لا أزال أخلط بين المعلوم والمجهول، مثل معظم مسؤولينا الذين يبرعون في تسجيل كلّ كارثة تصيب هذا الشعب ضد السيد مجهول، لا جديد في الأمر سوى اختلاف صفة المجهول، مرّة دراجات نارية لا تُرى بالعين المجرّدة، ومرّات أخرى مليارات نُهبت وحُوّلت إلى بنوك دول الجوار، فكان الإجراء في مثل هذه المصائب معلوماً " شدّوا الأحزمة" لا رفاهية ولا تنمية ولامشاريع، أما الخدمات فلا تزال في المجهول .

منذ أن اعترف إفلاطون أنّ العدالة هي حكم الأكثر كفاءة، والناس يبحثون عن أصحاب الكفاءات الذين يملأون الأرض منجزاً وصدقاً، وكما أخبرنا صاحب الجمهورية يوماً، أن الدولة وجدت لتوفير حياة مرفّهة، أصر بناة البلدان على أنه لن تكون هناك حياة كريمة، مالم يتوفر لها رجال شجعان. 

وتذكر جنابك أنّ كلمة شجعان حرّفناها لغوياً، فاعتبرنا السارق شجاعاً والنصّاب شجاعاً، والقاتل شجاعاً، وما نزال مثلما قال المرحوم علي الوردي ذات يوم نستخدم كلمة شقي للمديح والإطراء.

سيقضي ساساتنا جلّ وقتهم في التحايل على اللّغة العربيّة، ونراهم محتارين في كتابة التسوية الوطنية أم التاريخية، ولا يسألون لماذا اعتمدت سنغافورة على الكفاءات واعتمدنا الجهل ! لأنّ الشعب السنغافوري لم يكن عنده مقدّسون يستعبدون الديمقراطية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram