وديع غزوانrnيشكل موضوع تطور العلاقات الاقتصادية بين إقليم كردستان وتركيا نموذجاً حياً وواقعياً عن مزايا حكمة العقل السياسي في تبني مواقف ناضجة ومدروسة تكون الغلبة فيها لدعوات بناء علاقات مستقرة بين طرفين , وما يمكن ان تحققه مثل هكذا علاقات من فوائد كبديل لحالات التشنج
التي لاتكون نتيجتها في احسن الاحوال سوى القلق والتوتر اللذين ينعكسان سلباً على مصالح كلا الطرفين . وما كان يمكن للعلاقات التركية الكردستانية ان تصل الى هذا المستوى من النضج والتوسع في مجالات متعددة ,لولا حسن تقدير مسؤولي الطرفين في معالجة بعض القضايا العالقة واختيار طريق التفاهم والحوار في حل ما قد يظهر من مشاكل , وقناعتهما بان زمن السيطرة والتهميش وانكار حق الآخر قد ولى من غير رجعة .نمو العلاقات وتطورها بين تركيا وكردستان لم يقتصرا على الاستثمار والتبادل التجاري , رغم اهميتهما كونهما الباب الواسع الذي نفذت منه بقية القطاعات , خاصة في مجال التعليم العالي حيث شهدت الاشهر الماضية لقاءات بين عدد من رؤساء جامعات الإقليم مع وفود جامعية تركية تبعتها اتفاقات علمية بشأن تبادل الزيارات والخبرات دون ان نغفل ارتقاء العلاقات السياسية والزيارات المتكررة للمسؤولين التي توجت بفتح قنصلية تركية في أربيل .وتشير الاحصاءات الرسمية لمجلس استثمار حكومة كردستان ان للشركات التركية حصة الاسد في الاستثمار وهي تمثل العدد الاكبر, فمن مجموع 1200شركة عاملة في الإقليم كانت حصة التركية منها 620 وهو عدد قابل للزيادة. ويقول القنصل العام التركي آيدن سيرجن ( بناء على توصيات رئيس الوزراء التركي نسعى الى تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية مع الدول المستثمرة وبالاخص العراق الذي يحل رابعاً بين الدول التي ترغب تركيا في اقامة علاقات اقتصادية وتجارية معها ) منوهاً بتشجيع المصارف التركية لفتح فروع لها في الإقليم .ومع ان الوضع الآمن والمستقر في كردستان كان عاملاً رئيساً في جذب الاستثمارات ومنها التركية , الا ان ادارة مقود العلاقات السياسية بشكلها الصحيح كانت في مقدمة اسباب ما وصلت اليه من تطور حيث تمت بواسطتها ازالة الالغام التي كانت ستشكل عائقاً امام تطور هذه العلاقات.لقد استوعب الجانب التركي ما حصل من تغييرات في كردستان بشكل جيد وتطلعات مسؤوليها الى تعزيز علاقاتهم مع دول العالم كافة على اساس المنافع المشتركة , وفهم بشكل اكثر وضوحاً ثقل الطرف الكردي في معادلة العملية السياسية في العراق , فعمل على مسك مفاتيحها ليشارك في نهضة الإقليم :رحلة اولى والنفوذ بعد ذلك من بوابة كردستان الى بقية انحاء العراق . ومع ان ما قطع من اشواط على طريق تعزيز العلاقات مع العراق مهم , الا ان ما ينتظره المواطن العراقي سواء في كردستان او غيرها مبادرات اكبروأوسع تشجعه لزيارة تركيا بيسر تجنبه استغلال اصحاب شركات السياحة او معاناة مراجعة السفارة التركية, ويمكن دراسة امكانية الحصول على سمة دخول من المنافذ الحدودية لكل المواطنين من دون اقتصارها على شريحة رجال الاعمال فقط , كما هو حال المسافرين جواً . فمثل هذه الخطوة المهمة ستحقق مردودات ايجابية واسعة لتركيا والعراق على حد سواء .
كردستانيات: كردستان وتركيا .. حكمة السياسة
نشر في: 9 مايو, 2010: 06:51 م