عبدالله السكوتي يحكى ان الشخصية الاسطورية جحا دعا الله ان يعطيه الف دينار وقال:ان كانت ناقصة واحدا لن اقبلها ابدا، فسمعه جاره اليهودي، فاخذ صرة فيها تسعمئة وتسعة وتسعون دينارا ورماها من النافذة امام جحا، فرح جحا وعد النقود فوجدها ناقصة فقال: ان الذي اعطاني الكثير لايبخل علي بالقليل، ثم جاءه اليهودي مطالبا بصرة المال فقال جحا: ان ربي اعطاني وتريد انت ان تأخذه مني، فقال اليهودي:
انا الذي رميت الصرة لكي اختبرك، هل ستقبلها ناقصة ام لا؟ فتشاجرا وقال اليهودي: لن اتركك حتى تذهب معي الى القاضي، فتحجج جحا بالمرض والخوف من البرد وعدم امتلاكه ملابس ثقيلة، فقام اليهودي باعطائه جبته وحماره ليحمله على الذهاب ؛ وادعا الرجل ان جحا اخذ منه صرة من المال تحوي الف دينار الا واحدا، فسأل القاضي جحا: هل هذه حقيقة؟ فرد جحا ان اليهودي كاذب ومدع وانه يخشى ان يدعي ان الجبة التي يلبسها والحمار الذي يمتطيه له، فصاح اليهودي: ياسيدي القاضي ان الجبة والحمار ملكي، فطرده القاضي، وخرج متحسرا نادما، وربح جحا المال والجبة والحمار.باتت مسألة تشكيل الحكومة من اصعب الامور التي تواجه الكتل البرلمانية، وبات معها اختيار رئيس الوزراء معضلة لايمكن ان تغفل تحت اية ذريعة، الشخصيات المرشحة لشغل هذا المنصب كثيرة فهي اربعة في ائتلافين اتحدا وخمسة اذا ما اردنا أن نحسب حساب القائمة العراقية، وكان من المفترض ان يصار الى ترشيح اسماء خمسة او ستة او عشرة لشغل هذا المنصب وطرحها مع الانتخابات، في ورقة ترشيح خاصة، ويقوم الشعب باختيار المرشح الاوفر حظا لرئاسة الوزراء ؛ لان الامر بحسب الحكاية الواردة ان لااحد يقبل بالف الاواحدا، والكتل المتنافسة على رئاسة الوزراء لاتقبل بغيرها، مهما كانت المكتسبات التي ستعطاها، مايعني ان الامور تسير نحو التناحر اذا ماتمسكت الكتل الديمقراطية بما تريد.هذه هي نظرية النخب الديمقراطية كما يقول بيتر براك في مقالة بعنوان نظرية النخبة الديمقراطية فهي (ليست نظرية الامر الواقع، لانها تنسجم والتحول السريع باتجاه تركيز اكبر للسلطة بايدي النخب، وهي تظهر قدرا من عدم الارتياح لان النظام محكوم بالاخفاق في غياب ايجاد اجماع نخبوي ).هذا الكلام هو لب مانحن فيه ، اذ ان النخب تسعى جاهدة ان تحظى بالسلطة لتعزيز مكانتها الشعبية، امام مكتسبات شبحية توفرها في مراحل حكمها خلال اربع سنوات، لاتفتأ ان تتراجع او تتلاشى بعض الاحيان، وعلى اساس هذه المكتسبات تحاول النخبة السياسية او الكتلة البرلمانية ان تحصد عددا اكبر من اصوات الناخبين، لتحظى بالحكومة من جديد ؛ ومن الطبيعي ان ترافق المنجزات الشبحية منجزات اكثر اهمية لكنها تبقى وقتية ولايمكن لها ان تستمر في مرحلة اخرى من حكم نخبة مختلفة، ولايمكن ان نكون خارج نطاق المذهب الديمقراطي في جنوحه نحو الاساليب الدكتاتورية بحسب الاحداث التي تواجه الحكومة في وقت من الاوقات، وهذا مادعا روما الديمقراطية في مرحلة من المراحل الى التفتيش عن الدكتاتورية ومانسميها نحن باعلان الاحكام العرفية.لايمكن ان نتكهن بالكثير فالمفاجآت امر وارد ونحن ننتظر الكثير منها على اساس تغير المواقف والقناعات.
هواء فـي شبك: (الف الا واحد ميصير)
نشر في: 9 مايو, 2010: 07:48 م