علاء المفرجي
- 7 -
المخرجة مارغريت فون تروتا، كانت قد أخرجت في وقت سابق لفيلمها (حنا أرندت) الذي سبق تناوله في هذا العمود، هو فيلم "روزا لوكسمبورغ "، والتي تعد من أبرز زعماء الشيوعية في مطلع القرن المنصرم،
وهي منظّرة ماركسية وفيلسوفة واقتصادية وإشتراكية ثورية من أصول بولندية يهودية عملت بالتجارة وأصبحت مواطنة ألمانية. كانت عضوة في كل من الديمقراطي الإشتراكي لمملكة بولندا وليتوانيا، والحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني والحزب الإشتراكي الديمقراطي المستقل والحزب الشيوعي الألماني فيما بعد .
انتسبت للحزب الماركسي منذ حداثتها. بعد أن غادرت بولندا الروسية سنة 1889 لتنضم إلى الثوريين المنفيين الروس بزعامة بليخانوف في زوريخ ودرست العلوم ونالت شهادة الدكتوراه. هاجرت إلى ألمانيا وتزوجت عاملاً ألمانيا واكتسبت بذلك الجنسية الألمانية لكي تتاح لها فرصة العمل في صفوف أكبر الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية في أوروبا. وعندما اندلعت الثورة الروسية لعام 1905 عادت إلى وارسو لكي تشارك بها فقبض عليها وأفرج عنها في العام التالي. عادت إلى برلين حيث كتبت "تراكم رأس المال" سنة 1913 الذي يعتبر مساهمة فكرية ماركسية رئيسة.
تزعّمت مع كارل ليبكنخت الجناح الراديكالي من الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني كما أسست معه "عصبة سبارتاكوس" عام 1916التي أصبحت فيما بعد نواة الحزب الشيوعي الألماني وكتبت برنامجه بنفسها.
وبعد شهرين من إعلان ليبكنخت للجمهورية الاشتراكية الألمانية اغتيلت معه من قبل جماعة يمينية عسكرية متطرّفة وبذلك قضي على ثورتهما في المهد، في مطلع سنة 1919.
خلّدت السينما هذه الشخصية البارزة في أكثر من فيلم وثائقي وطويل.. لكن فيلم المخرجة مارغريت فون تروتا هو الفيلم الأبرز عنها، وهذه المخرجة التي صنعت عدداً من الأفلام عن شخصيات نسائية بارزة هي التي أسست فيما بعد السينما النسوية، نشأت في مدينة دوسلدورف وسافرت الى باريس لتتعرف على عدد من السينمائيين . لتعود الى ألمانيا لتُخرج أفلاماً قصيرة ثم مارست التمثيل تحت يد المخرج فولكر شلوندروف (الذي تزوجته فيما بعد) وفاسبيندر. وأخرجت فيلم" اليقظة الثانية لكريستا كلاغيس " عن مربية في حديقة أطفال .. وفيلم "الأخوات أو ميزان السعادة " و" الزمن الرصاصي "
قامت بإخراج فيلم "روزا لوكسمبورغ " في عام 1985 , الذي قدمت فيه سيرة ذاتية عنها باداء الممثلة باربرا سوكوفا، وكما في أكثر أفلامها ، وخاصة مع فيلمها المهم (حنا أرندت) الذي تناولت في أيضاً سيرة الفيلسوفة الالمانية، ويتناول الفيلم أهم حدث في حياة آرندت وهو تغطيتها لمحاكمة القائد النازي أدولف أيخمان في إسرائيل. اعتمدت المزج بين السيرة الشخصية والسيرة السياسية للشخصية ، وقد اعتمد الفيلم على رسائل روزا لوكسمبورغ وخطاباتها، وقدمت صورة جديدة لروزا لوكسمبورغ حيث صورتها كثورية ومناضلة وصورتها كامرأة. وكانت هذه مهمة صعبة في رسم هذه الشخصية الثريّة للوكسمبورغ، فالإحاطة بحياة لوكسمبورغ الغنية بمحطاتها السياسية والفكرية والتي كان لها دور خطير في التاريخ السياسي الأوروبي والألماني ليس بالأمر اليسير، ولكن قدرة هذه المخرجة ومهارتها جعل المتلقي يستوعب هذه السيرة ويتفاعل معها.
وقد نالت الممثلة باربرا سوكوفا، وهي الممثلة نفسها التي جسدت شخصية الفيلسوفة حنا أرندت جائزة مهرجان كان كأفضل ممثلة حيث استطاعت إظهار الانفعالات التي تشير الى استغراق في التأمل وحيوية التفكير.