د. فالح الحمـراني
أثار تكليف الرئيس برهم صالح رئيس المخابرات مصطفى الكاظمي بترؤس مجلس الوزراء حراكا سياسيا دبلوماسيا دوليا حول العراق، لا سيما من القوى التي تجد لها مصالح مختلفة في البلد،
ففي واشنطن، أعرب وزير الخارجية مايكل بومبيو، كما هو الحال في طهران، عن الرضاء بالمرشح الثالث لرئاسة الحكومة، وعلى الأغلب ليس بمناسبة ترشيح الكاظمي (ليس للأمريكيين ولا للإيرانيين من هو الشخص المثالي والشريك الذي يفي بمصالحهم بالكامل)، وإنما بتمكن القوى العراقية النافذة أخيرًا من التوصل إلى توافق على مرشح مناسب لها للمنصب الرفيع.
وفي ظل تلك التطورات قالت الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا وهي على ما يبدو تلمح الى التدخلات الأمريكية والإيرانية والتركية: لا يمكن استخدام الأراضي العراقية لتسوية الحسابات بين الدول الأخرى، منوهة بأن موسكو تأمل في استقرار الوضع السياسي الداخلي في العراق. جاء ذلك يوم الجمعة في إحاطة قدمتها الممثلة الرسمية لوزارة الخارجية الروسية. وأوضحت "نحن مقتنعون بأن بقاء الوحدات العسكرية الأجنبية، بما في ذلك القوات الأمريكية، على الأراضي العراقية، سيقرره البلدان على أساس الحوار، رهنا بالاحترام غير المشروط لسيادة العراق وسلامته. ونعتبر أي محاولات لاستخدام الأراضي العراقية ساحة لتسوية الحسابات بين البلدان الأخرى غير مقبولة ونعتقد أن مثل هذه الأعمال تتعارض مع القانون الدولي وتنتهك سيادة العراق وتضر بمصالحه الوطنية". وأشارت زاخاروفا إلى أن موسكو تأمل في استقرار الوضع السياسي الداخلي في العراق. وبرأيها ان من الممكن "ان يساعد على ذلك تشكيل حكومة وطنية جديدة في أقرب وقت ممكن". منوهة الى ان موسكو "تنطلق من أن مصطفى الكاظمي، الذي تم ترشيحه لمنصب رئيس الوزراء في العراق، والذي، وفقًا للمعلومات المتاحة، إن غالبية الفصائل في البرلمان العراقي مستعدة لدعمه، سيتعامل بنجاح مع هذه المهمة".
وأعادت الأذهان الى شن الولايات المتحدة في ليلة 3 كانون الثاني غارة صاروخية في منطقة مطار بغداد، مما أسفر عن مقتل قائد القوات الخاصة في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي اللواء قاسم سليماني. ورداً على ذلك، شنت طهران في ليلة 8 كانون الثاني، هجومًا صاروخيًا على قاعدتين في العراق استخدمهما الجيش الأمريكي: قاعدة عين الأسد ومطار أربيل.
كما أشير في تعليق لصحيفة "نيزافيسيميا غازيتا" تناول المواقف الدولية بما في ذلك الروسية من ترشيح الكاظمي: إن مواقف العراق وروسيا بشأن العديد من القضايا على الأجندة الدولية هي نفسها أو قريبة. ويتعلق هذا في المقام الأول بالقتال ضد داعش والقاعدة، اللذان يعملان في كل من العراق وسوريا. وموسكو مهتمة بتنسيق الجهود بشكل أوثق في هذا الاتجاه وتتوقع تعزيز التعاون مع الحكومة الجديدة برئاسة الكاظمي. وفقًا لعدد من التقارير الإعلامية الإقليمية، اتفقت روسيا والعراق في شباط الماضي على توريد أنظمة صواريخ مضادة للطائرات من طراز S-400. وجاءت هذه الخطوة، بحسب المنشور الإيراني "عالم الاقتصاد"، بعد خيبة أمل بغداد في تصرفات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة داعش.
وقالت ان شركات النفط تمثل بشكل رئيس البزنس الروسي في العراق. لذلك، سيعتمد تطوير التعاون إلى حد كبير على كل من السياسة التي ستتبعها الحكومة الجديدة في قطاع الطاقة والوضع في سوق النفط العالمي.
فيما نشطت الولايات المتحدة من تحركها العسكري في الأجواء العراقية بشكل غير مسبوق. وتعمل الطائرات الأمريكية على استكشاف مواقع الميليشيات العراقية خاصة الموالية لإيران في أنحاء البلاد. من جهة أخرى بالنسبة لواشنطن، فإن القضية الرئيسة على جدول اولويتها اليوم هو كيف يمكن مغادرة العراق وفي الوقت نفسه الحفاظ على وجودها هناك. لذلك، يقترح الأمريكيون ابتداءً من حزيران الدخول مع الحكومة العراقية في "حوار ستراتيجي" لمناقشة مستقبل العلاقات الثنائية، بما في ذلك من خلال الجيش. وبالنسبة للإيرانيين، الذين يمتلكون بالفعل وسائل كافية للتأثير على البرلمان العراقي، فإن وجود أو غياب حكومة في العراق ليس بالأمر الحاد.
وكانت الولايات المتحدة قد خصصت مكافأة نقدية قدرها 10 ملايين دولار لمن يبلغ عن أنشطة محمد كوثراني الذي تقول إنه قائد جماعة حزب الله الشيعية في العراق. وجاء ذلك في بيان صادر في 10 نيسان عن وزارة الخارجية الأمريكية. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية: "تقدم وزارة الخارجية، في إطار برنامج المكافأة من أجل العدالة، 10 ملايين دولار للحصول على معلومات حول الأنشطة والشبكات والأفراد المرتبطين بمحمد كوثراني، وتعتقد أن كوثراني يشرف على الشؤون المالية لحزب الله. وبحسب هذا البيان، فإن كوثراني يقود الحركة في العراق وينسق مع بعض القوات شبه العسكرية التي نظمها قائد القوات الخاصة لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي الراحل قاسم سليماني، وتلقي واشنطن باللوم على كوثراني في مساعدة القوات المسلحة، "التي تعمل خارج منطقة سيطرة الحكومة العراقية"، وتهاجم التمثيل الدبلوماسي الأجنبي وتنظم أنشطة هجومية.
وقامت الطائرات الأمريكية بالطلعات الجوية الاستطلاعية فوق مناطق تقع على بعد 60 كيلومترا جنوب غربي بغداد. كما حلقت طائرة استطلاع فوق مواقع الحشد الشعبي في منطقة الرزاز الواقعة على بعد عدة أميال غرب مدينة كربلاء. وأجريت عمليات استطلاع في مناطق أخرى. على وجه الخصوص في محافظة الأنبار. وفي 27 آذار ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن البنتاغون أصدر توجيهًا سريًا يدعو القادة العسكريين الأمريكيين للتحضير لحملة ضد كتائب حزب الله التي حسب بياناتها لا تتخلى عن محاولات نقل المسلحين من سوريا والعراق إلى روسيا.
كما ان هناك هاجسا روسيا من تدفق المنظمات الإرهابية التي لم تتخلَ عن محاولات نقل المسلحين من سوريا والعراق إلى روسيا، كما اعلن سكرتير مجلس الأمن للاتحاد الروسي نيكولاي باتروشيف.
ووفقًا له، فإن "خطر الإرهاب، لسوء الحظ، لا يزال موجودًا"، وهو ناجم عن نشاط المنظمات الإرهابية الدولية وعمل "خلايا النوم" التآمرية في روسيا التي تجمع الأموال لأنشطتها. وقال باتروشيف: "محاولات نقل الأشخاص الذين اكتسبوا خبرة قتالية كجزء من العصابات في سوريا والعراق إلى بلادنا" لا تتوقف. ولفت الانتباه إلى الاستخدام الفعال للإرهابيين للإنترنت لتجنيد الأنشطة. وقال سكرتير مجلس الأمن في الاتحاد الروسي: "في العام الماضي فقط، تم إيقاف نشر مواد الدعاية ذات الطبيعة الإرهابية المنشورة على 135 ألف صفحة إنترنت. وهذا يزيد مرتين تقريبًا عما كان عليه في عام 2018". وأشار باتروشيف إلى بيانات مكتب المدعي العام التي شهدت البلاد العام الماضي زيادة في عدد الجرائم المتعلقة بتجنيد وتمويل ودعاية الإرهاب"، بينما تم تسجيل "أكبر زيادة في هذه الجريمة في المقاطعة الفيدرالية للأورال". وقال أمين مجلس الأمن: "بفضل العمل المضني الذي قامت به الخدمات الخاصة ووكالات تطبيق القانون على أراضي المقاطعة، تم منع خمسة أعمال إرهابية في عام 2019، وتم إيقاف أنشطة ست خلايا إرهابية، وتم اعتقال أكثر من 50 شخصًا متصلين بالإرهاب، وتم تحديد خمس مجموعات إسلامية من الاتجاه السلفي".