TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: متى يعتذر؟

العمود الثامن: متى يعتذر؟

نشر في: 22 إبريل, 2020: 09:51 م

 علي حسين

مع كل خطاب يلقيه السيد عادل عبد المهدي نسأل مرة أخرى: لماذا لا يريد عادل عبد المهدي الخروج من أوهام "الفيلسوف" والمنظر السياسي التي لا وجود لها في هذه البلاد ، إلا في شخصية إبراهيم الجعفري والتي نافسها عليه عزت الشابندر؟. 

في لفتة فلسفية أيضًا، يخبرنا عادل عبد المهدي أنه لم يكن مسؤولا عما جرى من أحداث خلال فترة توليه رئاسة الوزراء، بينما الوقائع والدلائل تشير إلى أنه منذ أن أصابته محنة "التنظير"، قرر أن ينتقم من كل من يعترض على نظريته السياسية، التي ظلت مجرد وعود عن التنمية والحياة الوردية وحكومة "الكفاءات" التي كان أبرز إنجازاتها أنها وضعت حنان الفتلاوي في منصب المستشارة!! 

في كل ظهور يعيد علينا عادل عبد المهدي حديث الفرصة التي ضاعت من البلاد بسبب استقالته، ويحاول أن يسوق بضاعة حكومية منتهية الصلاحية، دون أن ينتبه مرة واحدة إلى أن هناك عشرات الضحايا سقطت كل يوم برصاص القوات الأمنية أو الجماعات المسلحة التي أُريدَ لها أن تحمي الخراب والفشل.

يتحدث عادل عبد المهدي بإلحاح عن أنه الديك الفصيح في السياسة والاقتصاد على الرغم من أنه نسف كل علاقته بالأولى حين ارتضى أن يكون تابعًا للكتل السياسية، وفي الثانية، حين لعب ذلك الدور في ملهاة المناصب والدرجات الخاصة. 

لم يترك عادل عبد المهدي خطابًا أو مؤتمرًا صحفيًا إلا وأهان فيه مطالب العراقيين وأحلامهم بالعدالة الاجتماعية، ولم يستغل الفرصة التي أتيحت له كي يعتذر للتظاهرات وللدماء التي سالت، فقرّر أن يواصل السخرية والانتقام من المتظاهرين، ويقول كذبًا على لسان ناطقه الفصيح عبد الكريم خلف إن الاحتجاجات كانت عملًا تخريبيًا مسلحًا، قامت به قوى خارجية، لتمارس انتقامًا من العملية السياسية والديمقراطية العراقية.

الأزمة في مكان وعادل عبد المهدي في مكان آخر، وكان يمكن بالقليل من التواضع والمعرفة بمشاكل الناس أن تنتهي مشكلة الاحتجاجات في الأيام الأولى، لكن بدل معالجتها، تحولت إلى خطب تخوين وصراع على من يقتل المتظاهرين اولًا، ووجدنا عقلية حكومية لا تريد أن تتصالح مع هموم المواطن، عقلية استعلائية بالوان باهتة ، ولهذا رفض عادل عبد المهدي ان يعترف بالملآسي التي حدثت خلال توليه المنصب ، وبالدولة التي استباحتها الاحزاب المسلحة وهو ينظر اليهم مطمئنا على كرسيه ، وبالموت الذي اعتقد أنه مجرّد صوَر يراها على شاشة التلفزيون، ولم يدرك طبيعة الاحتجاجات ومطاليب الشباب.

كان يُفترض أن يستخدم عادل عبد المهدي، عدسة مكبرة في النظر إلى ما يحدث لانه للاسف يعاني من قصر في النظر، وان يقرأ جيدا الوجوه التي رفعت شعار نريد وطن ، لو فعل لجنب البلاد الدماء والخراب .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. د.حسن محمود الساعدي - ميسان -

    لأنه اسير - العهر السياسي اللصيق به .

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram