الجزء الثانيد . احمد ابريهي نائب محافظ البنك المركزي العراقيالعدالة الاجتماعية والخصائص الأخرى من الناحية المبدئية لا تتجه الدولة المعنية بالموارد الطبيعية بالضرورة الى التسلط وإهمال العدالة في توزيع فرص الرفاه، بل يسمح المورد الطبيعي بتقديم خدمات عامة بما فيها التعليم والصحة بالتساوي لجميع المواطنين وكذلك ضمان حد أدنى من الدخل للجميع .
وبالإمكان، نظرياً، انجاز تلك الأهداف أكثر ما تستطيعه الدول التي تعتمد على الضريبة لتمويل إنفاقها العام، والعراق نجح في باب العدالة الاجتماعية نسبيا"، على الأقل في مجالات التعليم والى حد كبير في الصحة، ولكن توجد الكثير من الدلالات على عدم اهتمام الدول الغنية بالموارد الطبيعية بتعزيز العدالة الاجتماعية.نظرية تدوير الريع تمسكت بمبدأ ان النمو الاقتصادي يتطلب تدوير الريوع عبر الأسواق وليس عبر الولاءات وروابط القرابة . في البلدان عالية الريعية ترعى المورد الطبيعي تنافسيا يكون التنافس للامساك بالثروة (السلطة) من خصائص النظام، في حين تنمي الحكومة في البلدان واطئة الريع الدوافع لدى السكان من اجل خلق الثروة بالانتفاع من المزايا النسبية والسعي لزيادة الإنتاجية وتعزيز المساواة واحتضان المجتمع المدني، وتتصل هذه النظرية بتفسير المؤرخين لما حدث فعلاً بأن التصنيع بدأ أولاً في أمريكا الشمالية وليس اللاتينية، وأيضاً في الجزء الشمالي من الولايات المتحدة الأمريكية وليس في الجنوب، اذ أسهمت ملكية الأرض الكبيرة والصناعات الاستخراجية هنـاك مع مزارع المحاصيل الواسعة بتطوير مؤسسات العبودية وعدم المساواة والدكتاتورية، بينما في مناطق الصيد والمزارع الصغيرة طورت مؤسسات تقوم على احترام الفرد والديمقراطية والمساواة/ وعندما جاءت الثورة الصناعية كانت المناطـق الثانية الأكثر ملائمة لها، ويعتقد ان هذه النظرية لها مصداقية في الشرق الأوسط، وعليه من غير المتوقع ان تتفاعل موارد النفط ايجابياً مع المؤسسات لتطوير الأخيرة، واذا افترض كما تقدم ان نشوء وتطور المؤسسات محكوم بآلية داخلية Endogenous واكتشاف وتطوير النفط بعوامل خارجية فأن عدم الانسجام بين حجم الثروة النفطية والمؤسسات المطلوبة لاستخدامها العقلاني يصبح متوقعا" ومنطقياً.ولقد بينت الدراسات الإحصائية ارتباطا" بين موارد النفط والمعادن وغياب الديمقراطية وثمة تلازم مفترض بين الديمقراطية والضريبة فعندما تغني موارد النفط الحكومة عن الضريبة تسمح لها بالاستمرار على دكتاتوريتها من دون مقاومة كبيرة من المجتمع.rnآفاق الاستثمار الدوليومع ذلك وحتى الآن لا يمكن الجزم باعتمادية عالية لعلاقة إحصائية بين غياب الديمقراطية والموارد الطبيعية، اذ تتغير العلاقات المقدرة في حالة اخذ الوضع الأساس من عدمه في توصيف المعادلات، وأيضاً دراسات السلاسل الزمنية تختلف نتائجها عن الأبحاث القائمة على المقارنة الدولية والسلاسل الزمنية معاً، بل حتى عند إضافة ما يسمى Fixed effect او المتغير الوهمي مثل اثر خصوصية الدولة على العلاقات فيما بين المتغيرات ذاتها وجد في إحدى الدراسات علاقة ايجابية بين عائدات النفط والديمقراطية.وباختصار لا يمكن التعامل مع ما يكتب عن سلبيات الاقتصاد الريعي ومقاومته الذاتية للتقدم على انها نظريات ثابتة المصداقية بالاختبار التجريبي المتكرر، وفي الوقت نفسه ليس من المنطقي ولا من الموضوعي إهمال ذلك الخطاب بكل ألوانه على انه صيغ إنشائية تعبر عن انطباعات ليست ذات قيمة من الناحية المنهجية، ولعل الخلاصة غير المتحيزة تفيد وجود قوى ذاتية في الاقتصاد الريعي تدفع نحو تقليص فرص الديمقراطية الى جانب عدم الكفاءة في التصرف بالموارد ولكن لا تنفرد تلك القوى بالهيمنة على آليات حركة المجتمع، بل تبقى دوافع التقدم الاقتصادي موجودة وفاعلة أيضاً وتوجد أوساط اجتماعية تعبر عنها.وبالنتيجة تبقى الأبواب مفتوحة أمام المصلحين، ولابد وتأتي اللحظة التاريخية لغلبة ارادة التقدم والعدالة، وبشأن العلاقة بين الديمقراطية والنمو الاقتصادي تفيد الدراسات ان الديمقراطية ليست بذاتها تساعد النمو الاقتصادي بل ما يقترن بها عادة من سيادة القانون وحرية السوق والاستهلاك الحكومي المنخفض ولذلك نجحت كوريا الجنوبية وسنغافورة وشيلي والآن الصين اقتصادياً قبل الوصول الى الديمقراطية بنمطها الليبرالي المتعارف عليه، والا ماذا تنفع الديمقراطية بذاتها اذا كانت الحكومة المنتخبة لا تستطيع فرض القانون لمنع الفساد الإداري، ولا تنتفع من شرعيتها التمثيلية لتحجيم الإنفاق الحكومي الاستهلاكي لصالح مقتضيات التنمية، ولا تتمكن من حماية حقوق الملكية وفرض ضوابط تساعد على تشكيل بيئة اعمال آمنة بحيث يطمئن المستثمر على الوفاء بالعهود واحترام العقود، ويعتقد البعض ان التقدم الاقتصادي يمهد الطريق الى الديمقراطية كما في تجربة كوريا وتايوان وليس العكس.rnالنمط الدوري في المالية وتدفقات رأس المالالتذبذب في البلدان النامية يأتي ليس فقط من الصدمات الخارجية المتمثلة بأسعار السلع الأولية، بل أيضاً من عدم الاستقرار الاقتصادي الكلي والسياسي، ولكن الدورية هذه تكون في الإيرادات بالدرجة الأولى اما النفقات فهي على الأغلب لا تنخفض، بل تتوقف عند مستواها الذي ك
اقتصاد النفط وتراخيص الاستثمار *
نشر في: 10 مايو, 2010: 04:55 م