TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: الثقافة قادرة على التغيير.. لكنْ

قناطر: الثقافة قادرة على التغيير.. لكنْ

نشر في: 25 إبريل, 2020: 10:45 م

 طالب عبد العزيز

في دوامة الرعب التي اشعلتها جائحة الكرونا في العالم، هل ثمة حاجة بنا الى الشعر والموسيقى والسينما والفنون الأخرى؟ أو لنعدّل من صيغة السؤال الى:

هل تجد النفس الإنسانية القلقة والخائفة المرتعبة اليوم في قصائد البكاء على الأطلال وقصائد البطولات التاريخية وقصص الملاحم وأهازيج الحروب والموسيقى الصاخبة وسينما الاكشن الأميركية ما يسليها ويعينها، ويدعم حاجتها الى الهواء والتفكير بالعيش الرغيد والآمن؟

معلوم أن ثقافة (اليانكي) التي سادت الربع الأخير من القرن العشرين أبعدت تأثير ثقافات وفنون كثيرة في العالم، أو ربما حلت محلها وأفقدتها تأثيرها في الكثير من الشعوب، وما فعلته الماكنة الإعلامية الاميركية في العقود الثلاثة الأخيرة جعل الكون أقل عناية بالإنسانية وترسيخ قيم الجمال، فما عدنا نصغي طويلاً الى الموسيقى الهادئة والأغاني التي تتحدث عن الحب والإخلاص للحبيب والتغني بوجوب إحلال السلام بين الناس، كان حكماء الصين يعتقدون بأن الموسيقى الصاخبة نذر في تدمير المجتمع. وهكذا، لم يعد للسينما الايطالية والروسية وسينما العالم الثالث أي تأثير أزاء ما تنتجه السينما الأميركية، التي نجحت في تسويق فكرة الموت والخراب وجعلت من صورة الدم نهاية العالم.

قد تبدو الصورة بشيء من المبالغة، لكنَّ فاحص الحقائق يشير الى أننا لا يمكن أن نعزل ما يتعرض له العالم اليوم جراء استشراء وباء الكورونا، وما تخطط له الدوائر هناك، أبداً، وتتناول الأخبار عشرات القصص التي تحدثت عن الوباء قبل وقوعه، سواء عبر قصص في السينما أو في أغنية لمادونا او في تصريحات مسؤولين كبار، هذا، إذا أردنا عقد القرائن الواضحة، الدالة على ما مخطط له، لكننا ساعة ننظر الى ما عملت عليه الشركات الصناعية الكبرى، وما يدور في غرف العمليات السرية في أميركا وأوروبا والصين أيضاً من خطط للتسابق، في تقليص نفوذ الآخر، والاحتراب العلمي، فضلاً عما يضح علينا في وسائل الاعلام سرّاً وعلناً من هول ندرك حجم ما يخططون له.

لكن، وبعيداً عن حمّى الصراعات هناك، ألا يجدر بنا، نحن في العراق والشرق العربي- الاسلامي، أن نعي ما يلزمنا القيام به لاستعادة حياتنا، على وفق اشتراطات ثقافتنا ومجتمعاتنا، هل سنظل نلهث وراء وهم النعيم الذي وقعنا فيه؟ أما زلنا نعتقد بان ما تحقق من الحياة هناك هو المثال والانموذج؟ وهنا لا يعني دونية كل ما انتجته (الحضارة) في أميركا وأوروبا، أبداً فالإنسان هو الإنسان في كل مكان، خلاق وفاعل ومؤثر، لكنَّ الحكومات والشركات هناك لها ما تريده، ومن ثم رؤيتها في تدمير العالم.

أقول هذه، ولا أريد تخطي قضية فاعلة ومؤثرة مثل الثقافة، حيث ابتدتُ، ألا نرى بأنها قادرة على تغيير مسار حكوماتنا المتخلفة؟ ألا نثق بقدرة الفكر والفلسفة والشعر والموسيقى والفنون على الانقلاب وإحداث التغيير؟ يقول هيرمان هيسه(1877-1962) في لعبة الكريات الزجاجية: "بإن انقاذ أوروبا من التدهور آنذاك انما تم بواحد من أمرين أحدهما العثور على أحد عشر مخطوطاً موسيقياً ليوهان سيباستيان باخ.." أتحدث عن منتجي الثقافة الحقيقيين، الذين يؤمنون بالحياة وموجباتها، ولا أتحدث عن (مثقفي الاحزاب وخونة الضمير وبائعي الأوطان الى الاجنبي.)

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram