TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الفتلاوي تصرخ يا للهول !!

العمود الثامن: الفتلاوي تصرخ يا للهول !!

نشر في: 25 إبريل, 2020: 10:57 م

 علي حسين

في كل رمضان وأنا أشاهد السباق اللاهث من مسلسلات درامية مضحكة وساذجة في نفس الوقت ، أتذكر الرجل النحيل بكتفيه الهزيلتين وهو يطل من الشاشة الصغيرة بلا فذلكات ولا خطب ، ولا صرخات تجلب الهم بدلاً من الضحك .

لم يكن سليم البصري الشهير بـ " الحاج راضي " يحلم في أن يصبح النجم الأول، فقد كانت النجومية تعني خشونة في الصوت والوسامة والشباب، لكن صاحبنا، الذي جاء إلى التمثيل من كلية الآداب ، حلم ذات يوم أن يصبح مثل يوسف وهبي ، لكنه ما أنْ صعد على خشبة المسرح أول مرة وأخذ يصرخ " يا للهول " مُقلداً حركات الفنان المصري الشهير ، حتى اكتشف أن ما قمه به لم يكن تمثيلاً، وسيكتب ذات يوم إنه مدين بمكانته وحب الناس له لممثل عظيم هو يوسف وهبي لأنه لم يستطع تقليده ، كان صاحبنا أقرب إلى وجوه الموظفين البسطاء ، لكنه استطاع ان يذهل المشاهد بتلقائيته التي كانت تُخفي وراءها طاقة تمثيلية هائلة، فقد قرر أن يكون سليم البصري لاغير. لا أقل قليلاً ولا أكثر كثيراً.وقرر أيضاً أن ينسينا نحن المتفرجين أننا نجلس أمام التلفزيون، فأخذنا لنجلس معه،يتحدث فننصت إليه، يُحرك يده فتذهب الانظار باتجاهه، يضحك فتنطلق الضحكات مجلجلة .

نتذكر اليوم سحر سليم البصري ونحن أمام كم هائل من الممثلين فاقدي القدرة على الإدهاش يخوضون على الشاشة صراعاً مع الموهبة، صراعاً يقودنا نحن المتفرجين في النهاية الى أن نهرب بعيداً عن مسلسلات فاقدة اللون والطعم ، ونكتشف كم كان سليم البصري متميزاً، نستعيد ضحكته والصوت الدافئ الذي ينعش القلوب.. نقرأ الفاتحة، سائلين الله أن يرحمه ويرحمنا، فقد حاصرتنا جيوش التفاهة والسخف والابتذال ، مثلما حاصرتنا برامج التوك شو السياسية وهي تُظهر لنا نوابا لم يحصل الواحد منهم خمسمئة صوت لكنه يصر أن ينام على أنفاسنا أربع سنوات، ثم يتقاضى ثمن نومه راتباً تقاعدياً بالعملة الصعبة . وفي اوقات الفراغ يحاول ان يتسلى معنا على تويتر مثلما تفعل الزعيمة والنائبة السابقة والمستشارة الحالية حنان الفتلاوي التي سخرت من بعض وزراء كابينة عبد المهدي وحذرت من عودتهم ، والذي يقرأ التغريدة سيقول ياسلام ياست على الوطنية !!، لكنك ياعزيزي القارئ عليك ان ترجع بالتاريخ الى ما وراء لتجد صاحبة التغريدة نفسها كانت تطيل المديح لنفس الوزراء وتعتبرهم الأنجح والأقدر على إدارة البلاد 

يوصي العبقري لورنس أوليفيه أحد الممثلين قائلا : "حتى أبسط الأشياء تحتاج إلى موهبة حقيقية " ، واعتقد ان موهبة حنان الفتلاوي في تقليد يوسف وهبي خانتها هذه المرة .. ياللهول !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram