د.علي الهاشمي
بنظرة الى التاريخ السحيق، نقف على حقيقة أن الحياة بدأت بالصور، ولولا الرسوم التي تركها الإنسان القديم على جدران كهوفه، لما وصل إلينا شيء من ذلك التاريخ الموغل في القِدَم والذي يحكي قصّة عَصره وأسلوب حياته، فلولا هذه الرسوم التي صنعها الإنسان ببدائية عالية لضاع التأريخ واجتهد المؤرّخون في تحديد تصوّراتهم عن الماضي .
إن الصورة قاسم مشترك بين كل الصحف تستخدمه مع كل الأشكال الصحفية لدورها في تكوين الثقافة البصرية، فالدراسات أثبتت أن 90 % من المدخلات الحسّية هي مدخلات بصرية وإن الناس يتذكّرون 10 % ممّا يسمعون ونحو 30 % ممّا يقرأون ونحو 80 % ممّا يشاهدونه ، ولقد صدق الفيلسوف الصيني (كونفوشيوس) عندما قال (إن ألف كلمة لا يمكن أن تتحدّث ببلاغة كما تتحدّث صورة واحدة).
ممّا تقدّم، تولّدت قناعات لدى العاملين في الصحافة الرياضية، بأن تأثير الصورة كبير جداً في كل الأوساط بغضّ النظر عن مستوياتهم الثقافية، ويزداد هذا التأثير عندما تقترن الصورة الرياضية بالكلمة أي عندما يكون الخبر الرياضي مصوّراً فإن ذلك يزيد قناعة قرّاء الصحيفة الرياضية بصحّة وقوعه ودقّة مضمونه ، كما أن الصورة الرياضية تسهّل على القارئ معرفة الخبر حتى قبل أن يبدأ بقراءته وكثيراً ما تكتب الصحافة الرياضية فوق صور كبيرة تنشرها (الصورة أبلغ تعبير عن الحدث) دون أن تضيف لها شيئاً .
لقد ازدادت أهمية الصور الرياضية على مرّ الزمن حتى وصل الحد أن بعض الصحف الرياضية تنشر صورة واحدة كبيرة الحجم على امتداد صفحتها الأولى وتكتفي بمانشيت من ثلاث كلمات (الصورة تتحدث عن نفسها )..
إنه لمن الصعوبة أن تجد صحيفة رياضية أو الصفحات الرياضية في الصحف العامة خالية من الصور الرياضية، وهذا بدوره جعل أرشيف الصحيفة الرياضية أهم اقسام الصحيفة تحرص عليه وتديمه وتطوّره وتضيف إليه كل ما أستجدّ من صور ليكون غنياً بصور فريدة تستجيب للمواضيع الصحفية التي حدثت أو التي ستقع مستقبلاً .
الصحافة الرياضية في الماضي تفنّنتْ بتشجيع المصوّرين للحصول على لقطات فريدة بأنها خصّصت جوائز لأفضل صورة رياضية وخصّصت في نهاية الأسبوع مساحة لتنشر فيها أفضل صورة رياضية خلال الأسبوع أو تنشرها تحت عنوان (حديث الكاميرا) .. أي أن الصورة تجمع حالتي الكتابة والمشاهدة وتُحدّث عن نفسها وهذا ما حدا ببعض المختصين القول ، إن القارئ يرى الخبر في صورة حتى وإن لم ترافقه الكتابة، ولكن هذا لا يعفي الصحفي الرياضي من الاهتمام بكتابة الخبر ليزيد الصورة إثارة وتأثيراً في نفوس قرّاء المواضيع الرياضية .
تتبارى الصحف الرياضية والصفحات الرياضية في الصحف العامة على نشر كل ما هو جديد من الصور الرياضية وبالسرعة الممكنة لتكون الصور مصدراً مهمّا لبيع الصحيفة وتمكينها من تحقيق أرباح طائلة، وكذلك دأبت بعض الصحف السياسية على أن تصدر ملاحق رياضية مصوّرة في المناسبات الرياضية لتزيد من حجم طبعها وزيادة مبيعاتها.