TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الساعون للعودة الى عبد المهدي

العمود الثامن: الساعون للعودة الى عبد المهدي

نشر في: 26 إبريل, 2020: 09:11 م

 علي حسين

التغيير في بلدان الكرة الأرضية ألوان.. والحكومات أيضا.. وإذا كان تاريخ الثورات في العالم قد عرف الأبيض والأزرق والأخضر والأحمر، فإن بعضًا من جهابذتنا قرروا أن يكون "الأسود" لونًا معتمدًا للتغيير الذي حدث في العراق عام 2003،

وذلك من خلال محاولات لا تتوقف للتشكيك بـ"أهلية" العراقيين، وبأنهم مجموعة من سكان الكهوف، لا يجوز تعريضهم للضوء، اليوم نجد من يطرح التساؤلات الخبيثة حول حاجة البلاد إلى رجل قوي "الساعدين والمنكبين".. هؤلاء بعد أن وفرت لهم الديمقراطية الحصول على المناصب والمنافع، قرروا في لحظة غدر شتم هذه الديمقراطية، لأنها تمنع وجود حاكم يجلس على أنفاس الناس إلى نهاية العمر .

تخبرنا تجارب الشعوب بأن أكثر من عشرة رؤساء تغيـَّروا في أميركا منذ منتصف القرن الماضي، وانتقلت فرنسا من الديغولية إلى الاشتراكية إلى الوسطية، أكثر من مرة، وخرج من الحكم زعماء في بريطانيا بحجم ماكميلان وتاتشر، ولم تقم تظاهرة في نيويورك أو باريس أو لندن، ولكننا في العراق نجد مَن يصـرّ على أن الأمم تذهب مع ذهاب جهابذتها مثل عادل عبد المهدي .

أعطى العراق في ظل ساسة الطوائف مثالًا سيئًا لضعاف النفوس، لم يعد الولاء للخارج مخجلًا ولا خيانة، لم تعد الشعارات المثيرة للأحقاد والضغينة جريمة.. وبدل نداء الأوطان وواجبات الوطن، أصبحنا نرى من يفضل نداء الغرائز والوحشية على لغة التسامح والمودة.

الذي حدث بعد سبعة عشر عامًا من التغيير، هو أن الناس وجدوا أنفسهم يعيشون في ظل "استعمار" وطني، تم من خلاله الاستيلاء على البلد سياسيًا واقتصاديًا.. وإخضاعه بالقوة.. وشل إرادته االاجتماعية.. ونهب ثرواته وفرض سلطات تعطل إمكانات النمو وحرية التفكير.. وهذا هو الخطر الحقيقي وليست الديمقراطية، لأن الأنظمة الحديثة نزعت القداسة والبطولة عن الحاكم.. لم يعد خالدًا.. ولم يعد "مغوارًا".. فنحن لا نريد أن نؤمن بأن المسؤول موظف عمومي يُدير مؤسسات الدولة في فترة انتخابه، ويغادر من أجل شخص آخر لديه قدرات وطاقات جديدة.. البشرية كلما تقدمت كانت أميل إلى نزع أقنعة "الألوهية" عن حكامها، لتتخلص من أوهام تربط الحكم بالدين أو بالبطولة في ميادين الحرب.

اليوم صار هناك آباء للقتل وزعماء لعصابات الجريمة، ووجدنا من يغامر بمستقبل الوطن وينسف آمال المستقبل، ولم تبقَ هناك ضوابط اجتماعية أو أخلاقية. فقد انتقل ساستنا المتقاتلون على الكراسي، إلى مذاهبهم وقبائلهم وطوائفهم، ولم يعد يهمهم أن يبقى الوطن واحدًا، إذا كانت في تعدد الأوطان زيادة في الأرصدة والامتيازات.

اليوم الشعوب تقدمت بفضل سعي مواطنيها إلى نزع أقنعة القداسة عن المسؤول والسياسي ، وتخلصت من أوهام تربط الحكم بالقوة.. والأمان بتحويل الشعب إلى مخبرين ووشاة.. والعدالة في فتح أبواب الانتهازية على مصاريعها!.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Khalid Muften

    كل الفاسدين يبكون على عودة الغائب الطوعي للحكومة بعد ان منح الاحزاب ما تريد ودمر البشر وافلس خزينة البلاد وعطى لمكتبه القرار والسداد .

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram