TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: دراما جمال الكربولي

العمود الثامن: دراما جمال الكربولي

نشر في: 6 مايو, 2020: 10:52 م

 علي حسين

يخبرنا علماء الاجتماع أن الظواهر الفردية لا تنشأ من تلقاء نفسها، وأن كل فعل شاذ هو نتاج مرحلة اجتماعية، الطغاة الذين ظهروا على سطح الكرة الأرضية هم حصيلة المناخ الذي أحاط بهم، يقول عالم الاجتماع الشهير ماكس فيبر في كتابه "السياسة كمهنة" إن في داخل كل منا شرير خفي وإن الذي يمنع هذا الخفي من الظهور إلى العلن هو القانون وقبله الضمير والحرص على الناس.

مناسبة هذا الكلام، أنني أتابع تغريدات "البروفيسور" جمال الكربولي!! ، حيث أجده كل صباح يعاتب بها فلانًا ويحذر فلانًا، يعطي الحكمة هنا ويوزع الأحكام هناك، ويعلن النفير،لأن أشقاءه وأصدقاءه وأحبابه يتعرّضون لحملة "ظالمة" بسبب "مواقفهم"، "الوطنية الشجاعة!!"، ولم ينسَ جمال الكربولي تذكيرنا بأن المكون السني مظلوم، صارخًا بأعلى صوته: "أتركوا السياسة للكبار".. ويقصد الكبار في السن وليس الكبار في الوطنية والحكمة والعقل.

مؤشر طيب أن يعيد السيد جمال الكربولي ان يذكرنا بحكمه ، إلا أن فائدة تقديم الحكم والنصائح عن العدل والمساواة على تويتر تتطلب أن يسأل الكربولي نفسه، لماذا كان سخر الديمقراطية لمصالح عائلته، لكن يبدو أنّ البعض يعتقد أنّ الديمقراطية حيازة أو ملكية خاصة يقسّمها بين أهله وعشيرته ومن يعزّ عليه.

نحن أمام دراما مضحكة، تنطلق لتحقيق مصالح شخصية، مغلفة بشعارات عن الاصلاح والحكومة العابرة للطوائف ، وكلنا يتذكر، كيف حصل الكربولي وأشقاؤه على كل هذه الثروة المنهوبة من الأموال، وعلى الوزارات وكراسي البرلمان، لفضل الخطاب الطائفي والشعارات الانتهازة ونسي أيضًا أنه قال لنا ذات يوم، وظل يكرر القول، أن لا بديل عن المالكي، للأسف في زحمة تغريدات جمال الكربولي المتوالية أُفقيًا وعموديًا، يريدنا أن نتناسى قضية الهلال الأحمر ومابعدها من صفقات على حساب استقرار البلاد.

تعلمنا، من الخراب الذي يحاصرنا منذ سنوات ، أنّ المسؤول والسياسي العراقي ، ما إن يجلس أمام المايكرفون حتى يتراءى له ، انه مصلح اجتماعي ، ولذلك فان أسوأ أنواع الخطباء ، من يتصور أن الناس لاتملك ذاكرة ، ولهذا تجده فاقد الاحساس والخجل ، ويفعل ما يشاء ، دون أن يقول له أحد يارجل كان بإمكانك أن تعيد أموال الهلال الأحمر أولاً ، قبل أن تتحدث عن جيوب المفسدين .

تأمل مثلي نشرة الأخبار، مسؤولون وسياسيون يكذبون على أنفسهم قبل الناس ، يسرحون ويمرحون فوق الخراب ، واليوم يعيش العراقي في ظل مرحلة أو حقبة تحول فيها الفاسد والمرتشي الى خطيب مفوّه عن الفضيلة والأمانة ، مثلما لايتذكر صحفي مثلي أنّ لاعبا على الحبال مثل عزت الشابندر لايزال يصرّ على الضحك على عقول المشاهدين .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. حسن

    مع الاسف العراق اصبح العوبة يستخدم الاعلام لتحقيق مصالح بيهام الناس لا شعورياً ليحقق اهدفه لكن دجلة قناة مميزه ينوي ان يجعلها درعهاذا كان فاسد.

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram