تواصل المدى نشر الأعمدة الثقافية، والتي سبق وأن أرسلها الفنان الرائد الراحل سامي عبد الحميد إلى المدى، بغية النشر. والمدى إذ تنشر هذه الأعمدة تؤكد الحضور الثقافي الفاعل الذي كان يميز فناننا الكبير.
سامي عبد الحميد
وكان (منهر) يستخدم أية واسطة تلائم الغرض الدرامي مثل الصور المنعكسة على الشاشة والشعارات والمناظر المرسومة والمنصات والستائر والشاشات المطوية والعربات وتضاء جميعها بإضاءة منضبطة تتحاشى مؤثرات الجو وإبعاد الانتباه المباشر للمتفرج نحو أي جزء من أجزاء المسرح . وكان لتلك التصاميم تأثيرها القوي على العديد من المخرجين والمصممين المعاصرين والفرق المسرحية .
في الجزء الأول من القرن العشرين تم تعريف السينوغرافيا في أميركا بواسطة (بيلاسكو) الذي استخدم أسلوباً خاصاً به سمي (واقعية بيلاسكو) وكان التحدي الأول قد صدر من المصمم (روبرت ادموند جونز) الذي راح يصمم انتاج المخرج (غرانفيل بيكر) لمسرحية (اناتول فرانس) المسماة (الرجل الذي تزوج امرأة خرساء) في نيويورك عام 1915 بعدما زار أوروبا . وكانت تلك ولادة الحرفية المسرحية الجديدة الأميركية بالأسلوب التجريدي والذي يرجع الى (جونز) و (سيمونسن) و(بيل غيديس) والذي تطور بعدئذٍ من قبل (اوينسكلاغسر) و(أرونسون) و(ميلزنر) . وأصبح (ميلنرنر) المصمم الرئيس في أسلوبه المسمى (الواقعية الشعرية) وهو الأسلوب الذي كان ملائماً لمسرحية (تنسي وليامز) المسماة (الحيوانات الزجاجية) ومسرحيته (عربة اسمها الرغبة) ومسرحية (أرثر ميللر) المسماة (موت بائع متجول) و(صمم ميلنرنر مناظر جميع تلك المسرحيات من عام 1945 الى 1949 . وكان (ميلنرنر) يؤكد في تصاميمه على الصفة الحلمية للواقع خالقاً أجواء نفسية ذاتية عن طريق توظيف الإضاءة الضبابية والمفردات الديكورية التفكيكية . وكان مساعد (ميلنرنر) السابق (مينغ جو لي) مسؤولاً عن العديد من التطورات في السينوغرافيا منذ ستينيات القرن العشرين . وكان متأثراً بتقنيات الفرقة الألمانية (برلينر انسامبل) وكان تصاميمه تنبذ الأسلوب التصويري للحرفة المسرحية الجديدة واستبدالها بالمكان المسرحي النحتي .
كان (جوزيف زفوبودا) الجيكي أكثر السينوغرافيين المؤثرين في أواخر القرن العشرين وكان قد تأثر بكل من (ميرهولد) و(بيسكاتور) وكانت تجاربه في استخدام الوسائط المتعددة والتي اشتهر بها لاستخدامه التكنولوجيا المبتكرة وخصوصاً بما يخص الفيلم السينمائي والشرائح . وقد استفاد (زفوربودا) من الواقعية الاشتراكية الروسية أواخر الستينيات فقد ابتكر هو والمخرج (رادوك) ما سمي (الفانوس السحري) وهي تقنية تجمع بين الصور المنعكسة على الشاشة والممثلين الاحياء والراقصين والمغنين والموسيقيين واستخدم (زفوبودا) تلك التقنية مع أشكال فنية أخرى كمسرح شامل أو تصاميم المسرح التقليدي كاسراً الحواجز بين الفنون متحدياً التفريق بين الفن العالي والتلفزيون.
تفرعت أساليب السينوغرافيا المعاصرة الى درجة كبيرة بحيث سمحت للعمومية. وبين الستينيات والسبعينيات تأثر العديد من المخرجين والمصممين بالمسرح البيئي الذي يدعو الى توحيد المنظر والمتفرج والتطرّف الطليعي بالهجوم على مسرح الإطار . وعلى أية حال استمرت الابتكارات حتى في المسارح التقليدية واستمر مصممون أمثال (فريغيريو وغونكلين وهيرمان) وفرق مسرحية أمثال (سوشيفاس رافائمليو سافزيد) و(روسترغورب) وأخرى في توسيع إمكانات مكان المسرح الداخلي ، وكان المخرج – المصمم (تايمور) هو الأكثر إثارة للاهتمام وذلك لإثباته أن الإمكانات الفنية للتجريب في السينوغرافيا اتسعت جاذبيتها وذلك بإخراجه لفيلم (دزني) المسمى (الملك الأسد) 1997 .
ملاحظة : من كل ذلك يلاحظ القارئ الكريم بأن جميع تفسيرات السينوغرافيا قد اكدت على (المنظر المسرحي مضافاً له الإضاءة المسرحية) .