أكدت الممثل الخاص للبنك الدولي في العراق ماري هيلين وجود إستراتيجية انتقال البنك الدولي من شراكة قصيرة الأمد إلى شراكة متوسطة الأمد لمدة أربع سنوات مع العراق، وأضافت أن هذه الإستراتيجية سوف تتيح للبنك الدولي التركيز على ثلاثة أسس وهي استهداف الإدارة المالية ، التنمية الاقتصادية ، وكذلك الفقر. "المدى" التقت السيدة ماري هيلين في مكتبها في بغداد لتحاورها في قضايا ومسائل تتعلق بعلاقة البنك الدولي بالعراق:
كيف تنظرين إلى التطورات الأخيرة التي حدثت في البنك المركزي العراقي ؟
- بالنسبة لهذا الموضوع ليس لدينا رأي شخصي محدد، ونحن ندرك جيدا أن العراق بلد مستقل وله سيادة ويجب أن تحترم قراراته ، والشيء الوحيد الذي يمكن ان أقوله كمراقب منه الخارج لما يجري هو أن تتعامل الحكومة بشفافية مع هذا الموضوع وان تكشف الأسباب الحقيقية لما جرى، وأيضا ان تعرف الناس والمتخصصون الأسباب التي دفعت الحكومة أو اي جهات أخرى لاتخاذ مثل هذه الإجراءات.. نحن هنا نطالب بالحفاظ على استقلالية البنك المركزي فهذا شيء مهم في بلد مثل العراق يشهد تطورا في مجال الاقتصاد ويسعى الى اجتذاب الاستثمارات الأجنبية.
لو سالتك عن رايك في محافظ البنك المركزي المقال سنان الشبيبي فما ذا تقولين ؟
- تربطني علاقة مهنية مع الدكتور الشبيبي فضلا عن العلاقة الشخصية .. وكنت اجد فيه الشخص العالم في اختصاصه والمدرك لطبيعة عمل البنك المركزي العراقي .. هذا ما يمكن ان اجيب في حدود معرفتي بالدكتور سنان الشبيبي .
كيف تنظرين لمزادات العملة وتهريبها إلى الخارج؟
ليس لدينا معلومات حول تهريب العملة، ولكن الشيء الوحيد الذي نراه هو مزادات العملة التي يقوم بها البنك المركزي العراقي والذي من الممكن تفسيره أنه حسب حاجة السوق ولكن من هو المشتري ومن هو البائع وأين تذهب هذه الأموال نحن ليس لدينا فكرة عنها.
كيف تنظرين لتأثير سوريا في الوضع المالي بالعراق؟
- من الواضح جداً أن الوضع الأمني في سوريا له أثر كبير في الاستقرار الإقليمي بشكل عام وهو يؤثر في العراق بشكل خاص وكل هذا يؤثر في الجيران في ما بينهم وكما حصل مع تركيا حين تم تبادل النار بين تركيا وسوريا.
وأما بالنسبة للتأثير المالي فليس من الواضح أنه له التأثير المالي السوري فيه ولكن في اعتقادي هنالك بعض السوريين الذين استطاعوا أن يهربوا من سوريا ويحصلوا على مواردهم المالية من الممكن أن يكونوا ووضعوها في البنوك العراقية، واحتمال أن يكون هنالك طلب على الدولار بسبب الأزمة السورية ونحن ليست لدينا تأكيدات أو معلومات كافية لنفي هذا الموضوع أيضاَ.
إستراتيجية الشراكة الوطنية
سمعنا من بعض وكالات الأنباء والصحف بأن البنك الدولي مقبل على إستراتيجية الشراكة الوطنية مع العراق ما هذه الإستراتيجية؟ وهل تخدم العراق؟
- هذه الإستراتيجية ستحدد انتقال البنك الدولي من شراكة قصيرة الأمد إلى شراكة متوسطة الأمد لمدة أربع سنوات، في هذه الإستراتيجية سوف نركز على ثلاثة أسس وهي استهداف الإدارة المالية، التنمية الاقتصادية ، وكذلك الفقر.
أن هذه الإستراتيجية قد كتبت بعد سنة من المشاورات مع الحكومة العراقية والحكومات المحلية والجهات الإعلامية والأكاديميين ومنظمات المجتمع المدني القطاع الخاص وتم ذلك من خلال ذهابنا نحن كبنك دولي إلى المحافظات عدا مثل بغداد والمثنى والبصرة ودهوك وأربيل والموصل لمعرفة رأيهم في هذه الإستراتيجية والتي تحمل في طياتها كمية تمويل المخصص من قبل البنك الدولي وهو ما يقارب تسعمائة ملايين دولار لمدة أربع سنوات وبسبب قلة هذا الرقم لأن السبب وراء محدودية هذا الدعم هو أن العراق يعتبر بلدا غنيا ولديه موارد كافية وهو يطلب من البنك الدولي التدريب وبناء القدرات لمعرفة الضعف في الإدارة الموجودة حاليا في الحكومة. كما أشارت الى ان من بعض الأدوات التي سوف نستخدمها لدعم هذه الركائز الثلاث المذكورة آنفا هيّ هناك قرض لدعم وزارة المالية إضافة الى قرض آخر لبناء وعمل الخط السريع رقم واحد الذي يمتد من أم قصر إلى سوريا، حيث سوف ينفذ البنك الدولي جزءا من هذا الطريق وليس كله لأنه مشروع كبير جداً. وكذلك ندعم عمل الحكومة في تقديم الخدمات الأساسية للشعب العراقي بشكل مستدام.
* ما هيّ وجهة نظر الحكومة لهذه الإستراتيجية؟
- كانت لدينا 3 استراتيجيات قصيرة الأمد لمدة سنتين وكانت تركز على تقديم الدعم لإعادة الإعمار. أما الإستراتيجية المطروحة حاليا والتي ستكون لأربع سنوات سوف تقدم دليلا للعالم بأن العراق أصبح الآن مفتوحا على الأعمال وعلى أساسه قام البنك الدولي بكتابة إستراتيجية لمدة أربع سنوات.
أسس اختيار المشاريع
* هل لديكم مشاريع حالية
في العراق؟ وما هي القطاعات التي يدعمها البنك الدولي؟ وعلى أي أساس تم اختيار هذه المشاريع؟
- قام البنك الدولي منذ عام 2003 بـ 46 مشروعاً وهنا في هذا المخطط كما ترين التقسيم للمشاريع التي تم دعمها ، حيث ان قطاع الماء والمجاري قد حصل على 22% منه، من القيمة الإجمالية وهيّ مليار دولار و500 مليون دولار أخرى أتت من الشركات العالمية للدول المانحة و500 مليون أخرى قد أتت من البنك الدولي حيث مولت الدول المانحة 500 مليون دولار وموّل البنك الدولي النصف الآخر، ومن ضمن هذه المشاريع الأخرى هيّ دعم الميزانية ودعم قطاع التعليم.
* هل من الصحيح أن البنك الدولي فرض على الحكومة آراءه مثل إلغاء البطاقة التموينية، رفع الدعم من المحروقات أو عدم زيادة رواتب المتقاعدين؟
- نحن لا نفرض آراءنا على الحكومة ولا نناقش موضوع دعم عن رفع أسعار المحروقات لكننا نناقش موضوع البطاقة التموينية ودعم شبكة الحماية الاجتماعية والسبب الذي يعمل والأسباب التي دفعتنا لهذا هي على هاتين النقطتين المهمتين هيّ أن هناك الطرق الحالية المتبعة لإيصال الأموال لمستحقيها هي غير مجدية وحوارنا مع الحكومة هو هل تستطيعون أن تقدموا خدمة أحسن فقط للأشخاص المحتاجين، وحيث أن هؤلاء الأشخاص سوف يحصلوا على دعم اكبر من الحكومة. وآخر إحصاءات تم عملها تبين انه في المنزل الذي يحوي خمسة أشخاص هؤلاء كل واحد منهما يتسلم مبلغ 150 الف دينار وهذا المبلغ لا يكفي لدفع مصاريف المنزل ولا التعليم ولا الطعام لذلك نشجعهم على سحب الاموال من الناس غير المحتاجين الى الذين يكونون بحاجة لها لأن هذا النظام الذي يعطي الكل بنسب متكافئة الذين حاليا ميسورو الحال سوف يحصلون على ذلك ولكن المحتاجين سوف يبقون في قعر المجتمع.
البطالة في العراق
* ما هي نسب البطالة وطريقة حسابها في العراق؟
- في البداية ننظر الى حجم القوى العاملة في العراق من البالغين والقادرين على العمل وأيضاً نسبة وعدد الذين يعملون حالياً في وظائف ومن هذين العنصرين سوف نستخرج أو نستنتج عدد الأشخاص الذين يبحثون فعلياً عن عمل فعلى سبيل المثال لو قلنا ان هنالك 87% من الرجال يعملون و32% من النساء يعملن فسوف نجد أن هناك فرقاً بالنسب بين النساء يعملون، اين هم هؤلاء النسوة؟ هل هم يعملون؟ او يبحثون عن عمل؟ وهل هم عاملون أو لا وفي هذه النسب وبناء على هذه البيانات حسب نسب البطالة، حيث يشكل هذا الرقم نسبة العاطلين المسجلين كباحثين عن وظائف.
*ما هي الجهود والمساهمات المبذولة من قبل البنك الدولي في زيادة فرص العمل للشباب؟
- البنك لديه مشروع بقيمة (أثنين فاصلة سبعة مليون دولار) لتحسين الظروف المعيشية في الجنوب وسيتم تنفيذ هذا المشروع مع منظمة أنقذوا أطفال العراق في الجنوب والهدف من هذا المشروع هو مساعدة الشباب في البصرة حول كيفية الحصول على عمل وامتلاك المهارات التي تخص الكمبيوتر والحاسوب وكيفية إجراء المقابلة وغيرها من المهارات.
ولكن كما أشرت الى أن الإستراتيجية لم تحتو على اموال أو منح كثيرة لأربع سنين المقبلة وذلك لأن العراق بلد منتج للنفط وهذه الأموال أذا تم طلبها من قبل الحكومة سوف تكون على شكل قروض وبنسب فائدة وتحتوي على شروط وعلى العراق أن يعيدها بنسب لهذه الفائدة وبناء على ذلك يجب على الحكومة أن تقرر أما سوف تأخذ القرض من البنك الدولي لإتمام هذه المشاريع أو سوف نستخدم قدرات البنك الاستشارية في تصميم المشاريع أكثر لفائدة للشباب.
* ما هي المصاعب التي تواجهه عملكم في العراق؟ وهل هناك دعم وتعاون من قبل الجانب الحكومي؟
( بعد لحظات صمت .. ابتسمت ساخرة وقالت )- هنالك العديد من التحديات والقيود التي تواجه عملنا، إحداها ضعف القابليات الموجودة في المؤسسات الحكومية ونتيجة ذلك فإن المشاريع تتأخر ليتم التنفيذ ومواضيع أخرى مثل المشتريات وإطلاق السلف والى إصدار الفيز للمستشارين والشركات ،وتوجد بعض المشاريع التي تمت الموافقة عليها منذ زمن ولحد الان لا يوجد صرف ،والصرف الموجود قليل حيث أنه يوجد مشروع قد تمت الموافقة عليه في عام 2005 ومنذ ثماني سنوات لم يصرف الا 19% فقط، إلى أن العمر الافتراضي للمشروع من خمس إلى سبع سنوات كان يجب أن نرى 99% كنسبة انجاز وهنالك ايضاً بعض الاسباب الأخرى هيّ أن بعض الأشخاص في مراكز أتخاذ القرار يخافون اتخاذ القرار في التوقيع على بعض الوثائق بسبب بيرقراطية النظام أو التردد والخوف من خطأ مستقبلي لو أتخذ هذا القرار.
* ما هي الرسالة التي تودين توجيهها للشعب العراقي والحكومة العراقية؟
- رسالتي هيّ ان العراق لديه فرصة هائلة لتطوير وتنمية هذا البلد للأجيال القادمة فالعراق بورك بموارد مالية طبيعية رائعة وللأسف هذه الموارد تهدر على حساب الأجيال القادمة.
وللأسف لا تتوفر الطرق للشعب العراقي لكي ينهض ولا مثبت التعليم الجيد ولا الكهرباء ولا المياه النقية وعدم السماح للقطاع الخاص بالنمو "فالعراقيون يجب ان يكونوا ناشطين أكثر في طلب هذا من حكومتهم والمجتمع هو الذي يجب أن يتحرك ويطالب الحكومة وهناك تقارير مؤسفة من اليونيسيف في الفترة الأخيرة هيّ أن بين كل مئة طفل عراقي توجد بين 1-5 أطفال لن يصبحوا قادة مستقبليين كل ذلك بسبب عدم توفر الغذاء والتعليم المناسبين ويجب أن يتم بناء هذا البلد بناءً على تلك الموارد الرائعة حيث يجب استخدامها من قبل الحكومة بحكمة حيث يستطيع العراقي أن يستمتع بالخدمات ومستوى معيشي حتى لو كان من المستوى المتوسط".