اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: في ما يتعطل من الحكمة

قناطر: في ما يتعطل من الحكمة

نشر في: 16 مايو, 2020: 07:15 م

 طالب عبد العزيز

في معظم المجتمعات الحية يتم اخضاع كل ظاهرة للدرس، بما فيها الظواهر البسيطة، حتى لتبدو لنا قضية مثل ركوب الدراجة الهوائية ذات معنى، وتستحق التوقف والتأمل. أا في مجتمعاتنا العربية، وبسبب السياسة الفاشلة للحكومات، والخوف من سلطة الحزب الديني والجماعات المسلحة فيه، كذلك، وبسبب العرف الاجتماعي-القبلي، فقد اضطر الكثير من الباحثين والدارسين الى تناول النافل والمعلن والمسموح به في حياتنا،

فيما ظلت عشرات الظواهر بعيدة عن التناول والدرس والتقصي، على ما في ذلك من نكوص وأثر سلبي، يطال أجيالنا، وبما يجعلنا خارج زمننا الفيزياوي، بعيدين عن اللحاق بركب الأمم المتحضرة.

ولعل واحدة مما نود تبيانها هنا، هي ظاهرة اختفاء النقد في ثقافتنا، بل وندرة نقاد الأدب، مع إننا نطالع أخبار المئات من أساتذة الجامعة، من الذين نالوا الدرجات الرفيعة بأطاريحهم، أولئك الذين نسارع الى تهنئتهم على جهودهم البحثية، لكنْ، هل وجدنا في بحوث الكثير منهم ما يسهم في تمكين مجتمنا من التقدم خطوة، أو يجعل من حياتنا ممكنةً؟ ولكي نفصح أكثر نقول: ما الاهمية المرجوة في حياتنا من بحث عنوانه، على سبيل المثال(حوافر الخيل في شعر ابن ابي سويد) (المثال للتهكم)؟ علينا أن نطالع العشرات من العناوين المشابهة في الدراسات الأدبية والدينية والاجتماعية والتي تبيض في الصفحات وتنفق عليها الأموال، وتضيق بها قاعات المناقشات، ويكتب عنها الكثير، ولتركن فيما بعد الى الأبد.

إذا أردنا أن نتحدث عن كتب النقد الأدبي المهمة في العراق فلن يطول بنا الحديث، وهي قليلة جداً، وإذا اضطررنا الى تعداد أسماء النقاد، الذين أضافوا للنقدية العربية ما يستحق ذكره فسيقتصر حديثنا على اسماء معدودة جداً، نقول عشرة أو نقول عشرين، لا أكثر، ولا يقتصر الأمر على حقل النقد الأدبي، إنما نتحدث عن عموم مفاصل البحث في الجامعات العراقية، إذا ما علمنا بأن عدد أساتذة الجامعة فيها يتجاوز الـ ( 50) ألف. هل تحقق من ذلك شيء في الاقتصاد والسياسة والاجتماع والعلوم والفنون الأخرى؟ ستكون الإجابة محيرة بكل تأكيد، وهناك ما يؤسف له.

ولكي لا نظلم أحداً فلن نلقي باللائمة على طالب العلم والباحث فيه، إنما ذلك كله بسبب النظام السياسي القائم، الذي جعل من المدرسة والجامعة بآخر سلم عناياته، وذهب بكليته الى تدمير النظام التعليمي على حساب تغليب المؤسسة الدينية والتطرف فيها، دونما ملاحظة او لجم، وترك شيخ القبيلة يتغول ليصبح مؤسسة عسكرية، يتحكم فيها الشقاوات، الذين وجدوا في التنظيمات العسكرية-المليشياوية ملاذهم ومأمنهم، فأسسوا الاقطاعيات واحتموا بالسلاح فاستحوذوا على المال، بعد أن توغلوا في مفاصل هامة في الدولة .. حتى باتت كل مناقصة في النفط والميناء والنقل والصحة ووو لا ترسو عليهم باطلة.

في العراق اليوم، كل شيء على خلاف طبيعته، فقد تغيرت رسائل العقل، وصارت البندقية أقصر الطرق الى الثراء، ولم يعد ما تبحث فيه ذا قيمة عند الكثير، فالجهل يُدام بالجهل، والخوف سيدٌ متحكم، والعالِم العامِل عاطل، منزو لا يطرق بابه إلا اللصوص والقتلة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram