TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: طيور هتشكوك في النجف !!

العمود الثامن: طيور هتشكوك في النجف !!

نشر في: 20 مايو, 2020: 09:57 م

 علي حسين

في واحدة من حلقات المسلسل الضاحك "حمّام الهنا" يظهر غوّار الطوشي وهو يخبر أحد زبائن الحمّام أنّ جناب المختار قال لسكان الحارة إنّ اللصوص يخافون الاقتراب من الحارة، لكنّ المواطن المسكين ما أن سمع هذه الكلمات حتى مات من الضحك.

بالأمس تذكرت غوار وزميله حسني ، وأنا أقرأ التقرير الذي يقول إن النزاهة اكتشفت وجود نقص في مادة الحنطة في مخازن سايلو النجف يصل إلى أكثر من (750) طنًا، وليخبرنا القائمون على السايلو أن النقص سببه طيور لا تشبع أكلت 750 طنًا من الحنطة. 

المشكلة الكبرى في هذه البلاد أنّ الجميع يشعر بالمتعة وهو يطلق بالونات الكذب والخديعة، وفي الدول العاديّة يكون القضاء سيفًا قاطعًا لمحاربة اللصوص. أما في بلاد "ماجد النصراوي" فأكثر ما يخشاه مسؤول سرق مئات الملايين من الدولارات هو أن تُسحب يده، أما المحاكمة والسجن والغرامة وإعادة ما نهب، فهذه أصبحت من الكماليّات!

في كل عام يخبرنا المسؤول الأول أنّ الحرب على الفساد بدأت ولن تتوقف حتى سقوط آخر قلعة من قلاع الفساد، ولأنّ جنابي يطلق عليه لقب مواطن صالح، فقد كنت أستمع لخطب السادة المسؤولين وأسأل: هل في العام القادم سيحين قطف رؤوس الفساد؟ ومرت الأيام ودارت الأيام مابين حسين الشهرستاني الذي لايزال ينام آمنًا مطمئنًّا، وخضير الخزاعي الذي يتمتع بأموال المدارس الحديدية، ومثنى السامرائي الذي بلع أموال الكتب المدرسية ومئات غيرهم برعوا بممارسة النهب المنظّم بالعلن.

مرَّ زمن طويل لم أقرأ روايات بوليسية محكمة مثل رواية "عصافير سايلو النجف" فقد كنت في شبابي مغرمًا بكتابات أجاثا كريستي وجورج سيمنون الذي كتب أكثر من خمسمئة رواية باعت ما يقارب أربعمائة مليون نسخة، وسحرني آرثر كونان وبطله شارلوك هولمز الذي كان بارعًا في الإثارة وفي الأسلوب الساحر الذي ينسيك أن الحكاية من أولها إلى آخرها مجرد خيال، والغريب أن السيد كونان حصل أثناء حياته على أعلى الأوسمة، ومعها ثروة وضعته في مصاف أغنياء بريطانيا، إلا أن أمه ظلت لا تصدق أن ابنها الذي فشل في الطب يمكن أن يحظى بمقابلة الملكة فكتوريا، ومات كونان وهو يحصد ثمار الشهرة والنجاح، لكن الناس واصلت شغفها بأشهر محقق خيالي في العالم وحكاياته .

منذ سنوات ونحن نعيش في أجواء سلسلة مثيرة من روايات الخيال الغامضة، وكان العراقيون يظنون أن التغيير سيجعلهم يعيشون عصرًا جديدًا من الأمان والرخاء، ولم يكونوا يتوقعون أن الدولة تخاف من المليشيات ، وأن الناس ستقرأ عن الطيور التي سرقت مئات الاطنان من الحنطة ، وتفوقت على طيور المرحوم " هتشكوك " .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. Khalid muften

    الاعذار اقبح من الافعال بالامس المركزي اتهم المطر بغرق المليارات واليوم تتهم الطيور بابتلاع الحنطة والفاسدون في امان .

  2. Anonymous

    الصحه والعافيه دائما تحفه وساحر مليون شكرا لكم على كل شيئ

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram