إياد الصالحي
لم يَدُر في أَخلاد متابعي شؤون اتحاد كرة القدم أن يكون موعد استئناف نشاط الدوري الممتاز يوم 3 تموز المقبل أول شرارة الخِلاف لحرق حبل الود بين الأندية المشاركة وهيئة تطبيع اللعبة التي تمت تسمية رئيسها وأعضائها لأغراض محدّدة من قبل الاتحاد الدولي، ولا يمكن أن توسّع دائرة مشاغلها وصلاحياتها بذريعة تشطيب روزنامة الموسم، فعمل الهيئة بحذر وفقًا لتوصيف المهمّة يُجنّبها الضَرر، ويدفع بواجباتها للإنجاز قبل الثالث من تشرين الأول العام الحالي من دون مشاكل.
هيئة بنيان، ومنذ مباشرتها رسميًا يوم 6 نيسان 2020، تواجه حربين شرستين، الأولى انتقادات مغرضة تستهدف رئيسها وتستهجن انتدابه بدعم محلي ودولي لمسؤولية إدارة كرة القدم في حين أن تخصّصه الرياضي ألعاب قوى، ويُحرِّك ويَتحرَّك بعض المهمّشين من الاتحاد السابق ضمن هذه الحلقة لتحريض مناصريهم من بعض الإعلاميين ومجهولين في مواقع السوشيال ميديا على ضرب أي قرار صادر عن الهيئة تعبيرًا عن سخطهم بتواجد بنيان، والثانية مفاجآت وباء كورونا بتزايد أعداد ضحاياه في الآونة الأخيرة ممّا قوّض آمال التطبيع بإنهاء مسابقة الدوري في موعد قريب، وأبقى باب الفتنة مفتوحًا وقابلًا لدخول مزيد من عبوات الزيت لإبقاء نار الصراع مشتعلة بين الأندية والهيئة.
الحرب الأولى "الشخصية" يمكن إيقافها بمزيد من القرارات الحاسمة والإجراءات الواقعية التي تؤكد على أن العمل فيها خماسي وليس فرديًا، مع ضرورة إعادة النظر في تضخّم اللجان الذي لا ينسجم مع المهمة الطارئة المكلفة بها الهيئة، وكذلك إلزام الأندية في اجتماع رسمي (وليس عبر تصريحات تلفازية استفزازية) بالتوقيع على تسيير الدوري أم إلغائه كي تتحمّل نتائج هذا القرار أمام الاتحادات "الدولي والآسيوي والعربي" وما يتمخّض عنه من قرار تسمية ممثّل العراق في بطولات (ابطال آسيا وكأس الآسيوي وابطال العرب) استنادًا للترتيب النهائي لمسابقة الموسم الأخير 2018-2019.
والأمر المهم أيضًا أن بنيان مطالب بتكريس الاستقلالية في عمل الهيئة وعدم السماح لأية جهة بالتدخّل في صلب مهماتها، فما علاقة وزير الشباب والرياضة عدنان درجال بحضور اجتماع لجنة الحكام لمناقشة مسودّة رابطتهم الجديدة يوم 15 أيار الجاري أو الاتصال بعدد من الأندية لحلحلة الموقف في قضية الدوري وهو يعلم أن صفته قبل 6 أيار ليست مثلما هي اليوم؟ والأخطر في هذا التدخل المرفوض أن رئيس نادي الكرخ شرار حيدر أدلى بتصريح تلفازي يؤكد فيه أن (الوزير درجال مؤثّر جدًا في قرارات هيئة التطبيع) وكرّر ذلك ثلاث مرّات!! وهو دليل يكفي لإدانة الوزارة بالتدخّل في حال قُدّمتْ أدلة كافية من أي عضو هيئة عامة أو مجموعة منها اضافة الى هذه الوثيقة المرئية الى الاتحاد الدولي، فستكون العواقب وخيمة وليس أقلّها تحذير الحكومة من التدخّل في عمل اتحاد كرة القدم الممثل بهيئة التطبيع.
الحرب الثانية، ما يتعلّق بفيروس كورونا، الذي عطّل جميع المسابقات في العالم لاسيما تلك التي تحظى بأعلى مواصفات التنظيم والنقل والملاعب وجاهزية الفرق، كان الفيفا مرنًا في موضوعة استئناف الدوري من عدمه، شريطة أن تتم تسوية حقوق اللاعبين والمدربين من دون مشاكل، فالمهم عنده صحّة روّاد الملاعب، مؤكّدًا منع حضورهم تفاديًا لمصائب جديدة، أما دورينا بالإمكان تنظيمه في حال وافقت الأندية على المشاركة، بتنفيذ المقترح ذاته الذي وثقته هذه الزاوية في العدد 4568 يوم الأحد 15 كانون الأول 2019 تحت عنوان (دوري الطوارئ) مع تغيير المكان الى العاصمة بغداد بدلًا من إقليم كردستان، حيث تقسّم الأندية الخمسة عشر الى ثلاث مجاميع تلعب في ثلاثة ملاعب (الشعب والكرخ وأمانة بغداد) مثلًا وليس حصرًا، وتتنافس بنظام الدوري من دور واحد يتأهل أبطال المجاميع مع أفضل ثانٍ الى المربع الذهبي ومنه يترشّح الفائزان إلى المباراة النهائية دون الحاجة لمباراة المركزين الثالث والرابع، وتستثمر المبالغ المتوفرة لدى الهيئة في تضييف كل مجموعة بشكل مستقلّ لتنهي التزامها بموعد محدّد بعدما تلعب مباراتين في اليوم وتؤمّن تلفازيًا، وهكذا يتم تضييف المجموعتين الثانية والثالثة بالطريقة ذاتها، وسينتهي الدور الأول ومن ثم المربع الذهبي ومباراة النهائي في توقيت مثالي، مع فرض إجراءات الوقاية اللازمة على جميع الفرق احترازًا من الوباء.
لندعم مسيرة التطبيع بالنظر الى مصلحة الكرة العراقية التي مازالت مهدّدة بالإيقاف في حالة فشل العمل بإدارة شؤونها أو بروز خرق فاضح أو تمادي الوزارة في التحرّك الخفي للتلاعب بالقرارات وصياغتها مثلما يرغب المُعارِض لسياسة الاتحاد السابق والمساهم في استقالته الذي يتوجّب عليه الانهماك بحقيبته المثقلة بملفات لم تحسم بعد من حِقب سلفه.