TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: صورة.. صورة

العمود الثامن: صورة.. صورة

نشر في: 23 مايو, 2020: 10:44 م

 علي حسين

كان الفرنسي رولان بارت مولعًا بالصور وعلاقتها بالسياسة، ونجده يكتب "هذه الصور ما هي إلا مجموعة من الإعلانات التي لا تحظى باحترام الجمهور".

وأعتذر لكم عن العودة إلى عالم الكتب والفلاسفة، لكن ماذا أفعل فقد تعلمت من أساتذة أجلاء أن أفضل شيء يقوم به الكاتب هو البحث في الكتب عن حكايات التاريخ وعبره، وتذكير الناس مرة ومرتين وثلاثًا بما يجري حولهم، ولهذا تجدني مضطرًا لأكرر الأسئلة نفسها بين الحين والآخر، ولا شيء يتغير سوى إجابات أصحاب الفخامة والمعالي.

بالأمس امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي ومعها بعض الوكالات والفضائيات بصور لساسة ومسؤولين من إيران واليمن وفلسطين ولبنان امتلأت بها ساحات محافظة ديالى، حيث أكد أصحاب الصور أن طريق القدس يمر عبر ديالى. 

في كل عام يرتدي جهابذة السياسة في العراق، الكوفية الفلسطينية ويطالبون باسترداد القدس من مغتصبيها، ونتذكر الاحتفالية الصاخبة التي رفع فيها شعار "تحرير القدس يمرّ عبر المالكي"، في ذلك الوقت كانت حكومة حزب الدعوة قد أصدرت قرارًا غير إنساني بتجريد الفلسطينيين المقيمين في العراق من الحقوق والامتيازات كافة الممنوحة لهم منذ عام 1948.

سيقول البعض حتمًا : يارجل، لا تزال القدس القضية المركزية للعرب، ونقول ولايزال المواطن العراقي البسيط يحلم بالحرية والحياة الكريمة للمواطن الفلسطيني ، مثلما يحلم لنفسه بالامان من وباء السياسة ووباء كورونا الذي يحاصره ، في الوقت الذي نهبت فيه الحاجة عديلة حمود أموال وزارة الصحة ، وبدلا من ان نقدمها الى القضاء ، غنينا لها نشيد "عديلة يا عديلة الجرح شديتي حيلة.. على الفقرة كلبهة ولا باعت عربهة.. الوطن كلة شعبهة تلوكلهة الوزارة".. فيما اليوم تجد الذين صفقوا لخراب عديلة حمود يطالبون المواطن بالتقشف واحتمال كارثة الوباء ، في الوقت الذي أصبح بعض النواب حيتان للصفقات والمقاولات والعمولات، ولا نزال في حيرة من أمرنا بعد أن تمكن حسين الشهرستاني بشطارته من أن يضع العراق في مصاف الدول التي تقرر شد حزام التقشف. 

عاش المواطن العربي في ظل الاستعمار الذي ترك لنا أكبر مأساة، عندما تآمر لاستبدال الكيان الصهيوني بفلسطين. غير أنه ترك لنا أيضًا انقلابات عسكرية كانت ذريعتها الوحيدة لاضطهاد الشعوب هي قضية فلسطين التي يرفع شعارها الثوار الكذبة الذين وصفهم مظفر النواب أصدق وصف 

يا سادتي اصاحب الفخامة ومعكم أصحاب المعالي، لم يعد ممكنًا خداع العراقيين بصور ثورية ، فالعصر اليوم عصر صورة الواقع، لا صور الخيال ولم يعد ممكنًا تحويل هذا الشعب إلى مجرد هتافين ومرددي شعارات.

المشكلة لم تكن في الصور، ولا في الشعارات التي يطلقها البعض، بل في الخداع، خداع النفس أولًا، وخداع الناس مرة ومرتين وعشرًا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناديل: يكتب كي لا يموت العالَم

 لطفية الدليمي في حياة كلّ كاتب صامت، لا يجيدُ أفانين الضجيج الصاخب، ثمّة تلك اللحظة المتفجّرة والمصطخبة بالأفكار التي يسعى لتدوينها. الكتابة مقاومة للعدم، وهي نوع من العصيان الهادئ على قسوة العالم، وعلى...
لطفية الدليمي

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram