اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: في رحاب الطائفية

العمود الثامن: في رحاب الطائفية

نشر في: 4 يونيو, 2020: 09:42 م

 علي حسين

رسائل كثيرة تصلني من قراء أعزاء.. الكثير منها يعتقد أصحابها أن ما نكتبه لا يلقى صدى لدى المسؤولين ، والبعض الآخر يرى أن العلة ليست في الحكام وإنما في المحكومين الذين يصرون دوما على الانقياد لأهواء ورغبات الحاكم..

يدرك المواطن جيدًا أن المسؤول لا يتذكر سوى نفسه ويضرب حوله سياجًا دائريًا من الحرس والعيون ولا يترك ثغرة في هذا الجدار العازل تدخل منها آراء الناس ومشاكلهم. منذ أيام السلاطين تعلم الحكام أن الشعب لا يؤتمن وأن الناس حمقى في آرائها وأهوائها، والأهم حمقى في اختياراتها. يكتب الفرنسي جلين بليك في كتابه المجادلة مع الحمقى "إن للحمقى أيضًا من يعجب بهم وهم الأكثر حماقة منهم"، وقديمًا خصص أحد التقاة "ابن الجوزي" كتابًا سرد فيه أخبار الحمقى والمغفلين، وضع فيه وصفًا للحمق فقال: "معنى الحمق والتغفيل هو الغلط في الوسيلة والطريق إلى المطلوب، بخلاف الجنون، فإنه عبارة عن الخلل في الوسيلة والمقصود جميعًا، فالأحمق، سلوكه الطريق فاسد ورؤيته في الوصول إلى الغرض غير صحيحة".

العام 1885 أطلق بول لافارغ السياسي من أصل كوبي وصهر ماركس مقولته الشهيرة حول الحق بالحماقة، كانت المقولة في حينها مدهشة وجديدة وتعبر عن نوع من الحزن والأسى لما وصل إليه مجتمع الساسة آنذاك من الاستهتار بمقدرات الناس وعقولهم في مجتمعات شديدة الضغط على الإنسان، ويبدو أن مفهوم الحماقة اليوم بدأ يشمل الشعوب التي تسلم أمرها بيد سياسيين فاقدي الصلاحية والأهلية ويكفي أن نأخذ عينات من الحكومات العربية كي نرى حجم الاستخفاف بالإنسان، فشراء الذمم وتزوير إرادة الناس وسرقة المال العام والمحسوبية والرشوة، جعلت المواطن العربي المسكين لا يملك إرادته ويعيش على هامش الحياة، فالإنسان الذي أطلق عليه هربرت ماركيوز اسم الكائن الخلاق، تحول في مجتمعاتنا إلى كائن عاجز.

اليوم والمواطن العراقي يعيش وسط أكوام الضياع وصحراء القهر والغبن وتحت سماء تتسع باطراد من بطالة وخوف وموت مجاني، ليس أمام الغالبية من سيئي الحظ، سوى الوقوع في ثقب الحماقة واللامبالاة مع ما يحمله من بلسم كاذب ووهم خادع لجنّة موعودة كبديل عن إفلاس مشاريع الجنة الأرضية، جنة العدالة الاجتماعية والتنمية والتقدم التي وعدت بها أنظمة تسعى للاستيلاء على أي شيء وكل شيء. 

اليوم نشعر جميعًا أننا وسط حلبة مصارعة نتلقى فيها الضربة تلو الأخرى دون أن يلوح في الأفق أي تغيير في ميزان القوى لصالحنا، هل الحماقة أن نصمت وننعزل؟ أم الحماقة أن ندفع أعمارنا في الهتاف لسياسيين حمقى وأغبياء؟.. إنها محنة مواطن يعتقد للأسف أن حماقة الطائفية هي طوق النجاة الأخير.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. أمريكا

    الجشع.والغباء السياسي العراق هو السبب

يحدث الآن

تغيير جذري في قرعة دوري أبطال أوروبا

النقل العام في العراق.. حل مؤجل لازمة دائمة

بالصور| تشييع جثامين شهداء الحشد الشعبي الذين ارتقوا أثر القصف على شمال بابل

مع الاغلاق.. أسعار الدولار تستقر في بغداد وترتفع باربيل

النزاهـة: كـشف مخالفات بعقـد قيمته (٤,٥) مليارات دينار في كربلاء

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

 علي حسين تنقل لنا الأخبار، بين الحين والآخر، عدداً من البشارات أبرزها وأهمها بالنسبة لهذا الشعب " البطران " هو الاجتماع الأخير الذي عقده الإطار التنسيقي ، وفيه أصدر أمراً " حاسما "...
علي حسين

قناطر: الجامعة العراقية وفخرية الدكتوراه لضياء العزاوي من لندن

طالب عبد العزيز تنهدم البلدان بتخليها عن تقاليد شعوبها، وقد أثبتت التجارب في المجتمعات العريقة المحتفظة بتقاليدها أنَّ ذلك هو الصواب. ولسنا في وارد الحديث عن التقاليد، أيِّ تقاليد إنما ما هو حياتيٌّ، ونبيلٌ،...
طالب عبد العزيز

مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.. في المنطق القانوني

د. اسامة شهاب حمد الجعفري يحتل قانون الاحوال الشخصية في حياة الفرد مركزا حساساً لارتباطه ارتباطاً وثيقاً بتنظيم حياته الاسرية وتعلقه بمعتقدات الفرد ومركزه الاجتماعي. فمن الطبيعي جداً ان تتجاذبه الاراء خاصة وانه اضاف...
د. اسامة شهاب حمد الجعفري

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

د. طلال ناظم الزهيري في عالم محكوم بالصراع والتنافس، تظهر مفاهيم وممارسات جديدة تقود هذا التنافس وتتحكم في إيقاعه لصالح طرف أو آخر. واليوم، ومع المد الجارف لمواقع التواصل الاجتماعي ودورها المؤثر في تشكيل...
د. طلال ناظم الزهيري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram