إياد الصالحي
واحدة من أهم موجبات إصدار القوانين هي الرعاية الإنسانية للشريحة المستفيدة منها بكل ما تشمله هذه الكلمة من توفير حياة كريمة لها، والتخفيف عن كواهِل مَن لم يعد يحتمل المزيد من الصبر على الحرمان، خاصة أن نسبة كبيرة من المشولين برعاية الدولة يعانون أمراضاً مُزمنة أفقدتْ الكثير منهم حياتهم نتيجة عدم مقدرتهم على سداد تكاليف العلاج إذا ما تطلّب الأمر إنقاذهم في مستشفيات خارج العراق.
ومنذ صدور قانون مُنح الرياضيين الأبطال والرواد رقم (6) الذي أقرّه رئيس الجمهورية في 17 شباط 2013 ، أُجهِدَوا الروّاد في دوّامة البحث عن حقوقهم المشروعة من ناحية عدم استقرار مواعيد الحصول على المُنحة، وتداخل الأزمات ما بين وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية الوطنية تارة وآليات وجداول وزارة المالية تارة أخرى، ليجدوا أنفسهم كل ثلاثة أشهر يترّقبون إعلاناً من وزارة الرياضة بإطلاق المُنحة أو تأجيلها لأشهر عدّة أحياناً وسط صراع الرائد ما بين تأمين معيشته وما بين استسلامه التام لأنياب مرضه وهو يقضم صحته ببُطء قاتلاً أمله في الحياة دون أن يلتفت له أي مسؤول لإنهاء مِحنة المُنحة!
وإذا كانت ظروف العراق الاقتصادية قد أسهمت في زيادة الضغوط المالية على رواد الرياضة، فإن قسماً كبيراً منهم بحاجة الى الرعاية الصحية بعدما تدهورتْ أحوالهم وأحْرَجوا عوائلهم التي لا تتمكّن من فعل شيء يُخفّف عنهم آلامهم، برغم أن القانون ذاته نص في المادة (5) منه :(يُعالج المصابون والمرضى المشمولون بأحكام هذا القانون على نفقة الدولة داخل العراق أو خارجه، وبناء على تقرير لجنة طبية مختصّة) وهو نص صريح لا يمكن التنصّل منه سواء من الجهة التنفيذية وزارة الصحة أم وزارة الرياضة المعنية أولاً بالتنسيق المباشر لتسهيل إصدار المخاطبات بينها وبين الجهات المختصّة والتعجيل بنقل الرائد الى المستشفى الداخلي أم الخارجي بعيداً عن الإجراءات الروتينية التي تُجبر المريض وأهله على ترك السياقات الرسمية واللجوء للعلاج على حسابهم من خلال بيع ما يقع تحت أنظارهم من ممتلكات حتى لو اضطرّوا الى تحمّل ديون بأرقام مالية عالية من أجل إجراء عملية جراحية أو شراء أدوية بمبالغ باهظة.
وهذا ما دفع رئيس رابطة الرياضين الرواد في العراق والمغتربين في العالم خالد توفيق لازم الزهيري الى مناشدة المؤسسات والروابط الرياضية للأبطال والرواد التي تحمل الصفة الرسمية للتكاتف بصدد مُعالجة مشكلة عدم تنفيذ المعنيين بالدولة أهم فقرة في القانون (6) التي تكفل الرعاية الصحيّة للروّاد المرضى والتي ألزمتْ بعلاجهم على نفقة الدولة داخل وخارج العراق، مثلما جاء في بيان لخالد يوم الثلاثين من أيار 2020 أحاطَ به عِلماً رئيس مجلس الوزراء ووزير الشباب والرياضة، لافتاً الى مقترح سابق قُدِّم للوزارة بإنشاء صندوق للتكافل الاجتماعي تُجمَع فيه استقطاعات يسيرة من مُنح الرواد أنفسهم (طواعية) لتعظيم موارده كي يتسنّى لهم تأمين مستلزمات العلاج الصحي وأي طلب عاجل دون الرجوع الى الدولة.
وفي الوقت الذي تأسّفَ خالد على عدم تنفيذ مقترح الصندوق، نرى من الواجب اليوم أن نسهم جميعاً في تفعيل مشروع إنقاذ الروّاد بكتابة نظام خاص يُراعي كل موجبات تنظيم العلاقة ما بين رابطتهم وبقية المؤسّسات الرسمية وشبه الرسمية، بمشاركة أعضاء ومستشارين من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية يُعضّدون مشروعاً متكاملاً تُخصّص له اجتماعات عدة ما بين الجهات المذكورة لتخرج بمسوّدة متكاملة تنهي عذابات الروّاد وتُسيِّر شؤونهم بسلاسة وتصون كرامتهم.
لا نتمنى خسارة حياة رياضي رائد واحد نتيجة الإهمال في مدّ يد العون له، فكل من شملهم القانون أفنوا سنين العمر في خدمة الوطن، وقدّموا له أهم المُنجزات في سوح العرب وآسيا والعالم، وآن الأوان لنطمئِنهم بأننا نقف معهم والوطن في خدمتهم.