TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > خارج الحدود: أزمة السودان المستمرة

خارج الحدود: أزمة السودان المستمرة

نشر في: 11 مايو, 2010: 05:19 م

حازم مبيضينإما أن يكون وزير العدل السوداني, على غير علم بتوجهات حكومته, أو أنه يعارض تلك التوجهات, وإلا فما معنى أن يطلب من الإنتربول إلقاء القبض على زعيم حركة العدل والمساواة خليل إبراهيم، رغم توقيع اتفاق إطاري بين الجانبين في شباط الماضي تمهيداً لمحادثات نهائية,
 لم تبدأ بعد, لإنهاء النزاع المسلح في إقليم دارفور. أما إن كان الوزير ينفذ سياسة حكومية فان ذلك يعني تراجع الخرطوم عن الاتفاقية التي يبدو أنها عقدت لأسباب لاعلاقة لها بالمصلحة الوطنية للسودان, قدر تعلقها بالمصلحة الآنية للرئيس عمر البشير وحزبه,عشية الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المشكوك بنزاهتها ونتائجها.  السبب المعلن لطلب القبض على إبراهيم هو مسؤوليته عن الهجوم الذي نفذته حركة العدل والمساواة على الخرطوم في أيار 2008 وقتل فيه نحو مائتي شخص. وهو سيواجه أربعة عشر اتهاماً بينها القتل العمد وإثارة الحرب ضد الدولة وتقويض النظام الدستوري والنهب والإتلاف, والغريب هنا أن المعتقلين المشاركين في الهجوم على العاصمة السودانية من أتباع ابراهيم قد حوكموا وصدرت أحكام إعدام بحق بعضهم, غير أن تلك الاحكام لم تنفذ, وبما يعني أنها أحكام صورية صدرت للترهيب, ولمنع تكرار مثل تلك الهجمات, غير أن ذلك لم يمنع أتباع حركة العدل والمساواة, وبحسب ما أعلنه الجيش السوداني من شن هجمات متلاحقة خلال اليومين الأخيرين على بعض القرى والمدن الريفية بولاية شمال كردفان المحاذية لإقليم دارفور.حرب العصابات مستمرة إذن, ولعل الهجمات الاخيرة هي الدافع لقرار الوزير السوداني بملاحقة إبراهيم, لكن المؤكد أن ذلك لن يوقف تلك الحرب التي لم تصل بعد إلى مرحلة المواجهة مع الجيش السوداني, مع أنها أسفرت عن حرق برجي اتصالات ونقطة للشرطة وبعض ممتلكات المواطنين بولاية شمال كردفان، وليس مهماً اتهام الخرطوم للحركة بأنها تقوم بهجماتها هذه بسبب فقدانها القوة الرئيسية وخطوط الإمداد، وأن الامر لايتعدى محاولة الاستقواء والتزود من خلال عمليات نهب واسعة النطاق, فالمواطنون هم المتضررون, والدولة السودانية بغض النظر عن حاكمها, هي التي تدفع ثمن هذه الهجمات التي تقوم بها جماعة تتهم الحكومة بتهميش المناطق التي انطلقت منها وتطالب بنصيب أكبر في ثروات البلاد.ليس منتظراً أن تستجيب الحكومة المصرية لطلب الخرطوم بتسليمها إبراهيم الذي يجري في القاهرة محادثات مع المسؤولين, تستهدف البحث عن مخارج من الازمة الراهنة التي تعيشها البلاد, وهي أزمة عمقتها الانتخابات الاخيرة بدلاً  من أن تكون طاقة الفرج, وهي وإن أسفرت عن احتفاظ البشير بموقعه الرئاسي, فانها عمقت الهوة بين الاطراف السياسية العاملة في الساحة السودانية, بعد أن قاطع معظمها المسرحية الانتخابية التي قالت بعثة المراقبين الدوليين لها إن فرز الأصوات فيها اتسم بالفوضى وافتقر إلى الشفافية وكان عرضة للتلاعب والتزوير.السودان لم يغادر أزمته, والمطالبة بخليل ابراهيم بواسطة الانتربول الدولي أكبر دليل على ذلك, والحل كما يعرف الجميع هو في سيادة النظام الديمقراطي الحقيقي الذي يساوي في المواطنة, لجهة الحقوق والواجبات معاً ودون انتقائية, ومحاولات التجميل المفضوحة لن تؤدي إلا لمزيد من الازمات التي تستفحل يومياً, وتتكاثر كالفطر في بلد يعيش غالبية مواطنيه تحت خط الفقر, رغم تمتعه بثروات هائلة يجري إنفاقها على حروب عبثية تستهدف التمسك بالسلطة ليس أكثر.   rn 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram