د. لؤي خزعل جبر
واحِدَة من ملاحظات إريك فروم الثاقِبَة إنَّ حلول مُشكِلات البشريَّة ممكنة وواضحة، ولكنَّ ما يجعلها مستحيلة هو ذلك التصوير المعقَّد للمُشكلات، مِن السلطات والخُبراء، فهُناك القوى والعوامِل الدولية والإقليمية والمحليَّة، وشبكات من المصطلحات الرنَّانَة التي هي – لوحدها – كافية لخلق اليأس، وكل ذلك صحيح،
ولكنَّهُ لا يعني أنه صحيح بالمطلق، فالمسألة مثل تلك التي تقول إنَّ مُتعلماً حاول استعراض عضلاتِهِ على إنسانٍ بسيط بكميَّة الكُتب التي قرأها، فأجابه ذلك الإنسان بأنه يعرِف كل ما في تلك الكُتب، فهي ببساطة تريد أن تقول: "يا ابن آدم، صير خوش آدمي"!! وبالفعل، كل الأديان والفلسفات والعلوم لا تريد إلا أن يصير الإنسان "خوش آدمي"، ولا تريد السلطات والقوى الإستغلاليَّة إلا أن يكون الإنسان "مو خوش آدمي"، ولذلك تخلق التعصبات والتطرفات والصراعات، ونجد السرقة والقتل والخيانة وكل الرذائِل الأخلاقيَّة.
ليس على الإنسان – أو من يريد التغيير – إلا أن يكون شجاعاً، شجاعاً لأن يكون نفسه، وليس ما تريد السلطات أن يكونه، وشجاعاً لأن يحب الآخرين، كل الناس، وشجاعاً في أن يلتزم بقيم بسيطة محددة: العقل والحب والعدالة، ويعمَل على تحقيق تلك القيم.
....
في العراق، هناك تضخيم للمخاوِف: جماعات مُسلحة، دولَة عميقة، ضغوطات دولية وأقليمية، انهيار الاقتصاد، مجتمع عاجز، النتيجة المنطقية ليس فقط استحالة التغيير، بل تواصل التدهور إلى نهايات مرعبة!
كل ذلك صحيح، لكن ليس بهذهِ الدرجة، فقائِدٌ شُجاع، ومجتمعٌ شُجاع، بحركاتٍ حقيقيَّة، سيكتشف إنَّ كل تلك القوى إنما هي نمورٌ مِن وَرَق، فهُم مرتزقة ومشوَّهون ومُزيفون، القوَّة الحقيقيَّة تكمُن في الناس، حينما يلتفون حولك، ويحصل ذلك حينما يلمسون إنَّ حياتهم تتغير بالفعل نحو الأفضَل.
مثلاً، الآن هُناك أزمة اقتصادية، حلولها المقترحة تقليل رواتب الناس، مما يزيدهم بؤساً وغضباً، ويؤدي لتدهور أكثر، وهي حلول مزيفة، بينما أحد الحلول ببساطة هو استعادة ما سرقه الفاسِدون، والفساد أصبَح أوضَح من الشمس، بكارثيَّة فضائحيَّة، تحقيقاتٍ بسيطة تكشفه، وتُصادَر أموالٌ طائِلَة تبني عشر دوَل، تحول العراق من فاشِلٍ مَدينٍ إلى قوة اقتصادية عملاقَة