اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > تشيخوف.. في رحلته القاتلة إلى سخالين

تشيخوف.. في رحلته القاتلة إلى سخالين

نشر في: 11 مايو, 2010: 05:28 م

الكتاب: جزيرة سخالينتأليف: أنطون تشيخوف ترجمة: عادل العاملفي عام 1890 انطلق أنطون تشيخوف، الكاتب الواعد ابن الثلاثين عاماً آنذاك، عبر سيبيريا إلى جزيرة سجنٍ نائية، سخالين، التي كانت أقرب كثيراً إلى اليابان منها إلى موطن تشيخوف في موسكو. و في تلك الأيام، و قبل السكة الحديدية العابرة لسبيريا، كان الوصول إلى سخالين يتطلب رحلة ملحمية من شهرين و نصف الشهر. لم يكن أحدٌ يفهم، في تلك المرحلة،
 أن القرن العشرين سيجعل من تشيخوف كاتب القصة القصيرة الأعظم تأثيراً في العالم بالإضافة إلى كونه كاتب المسرحيات الحديثة الأكثر ثباتاً آنذاك. مع هذا، كانت سخالين الانقطاع المدهش في ما كان مهنةً تتبرعم في ذلك الوقت. كما جاء في مقال روبرت فَلفورد هذا بمناسبة الذكرى الـ 150 لميلاده. إن كل من يقرأ عن تشيخوف تصادفه إشارة إلى سخالين. و قد واجهتني عشرات المرات و غالباً ما تساءلتُ عما كانت تعنيه له. و مؤخراً قررتُ الاحتفاء بالذكرى الـ 150 لميلاده من خلال قراءة كتابه أخيراً، (جزيرة سخالين) ترجمة بريان ريف، مع ملاحظات مفصلة و رسائل لتشيخوف مرتبطة بسخالين.و يبيّن تقرير تشيخوف هذا تعاطفه و ذكاءه المميز، لكن هناك أسباباً معتبرةً وراء الاهتمام القليل لدى كتّاب السيرة بهذه الرحلة. فهي لم تؤثر بشكلٍ مباشر في كتابته، عدا قصة واحدة، هي (جريمة القتل Murder). كما لم تكن أيٌّ من مسرحيات تشيخوف تدور في مستوطنة للسجن. و لم يكن واضحاً أبداً لماذا ذهب إلى هناك. هل كان يا تُرى توَّاقاً لنسيان جمهور المشاهدين الذين لم يتقبلوا مسرحيته الثانية، (عفريت الغابة  The Wood Demon)؟ هل كان متعَباَ من مشهد موسكو الأدبي المسيَّس؟ هل كان يحاول نسيان علاقة حبٍ فاشلة؟ هل كان يصارع السأم (و هو علة جدّية بالنسبة له) عن طريق اختيار تجربة جديدة  تتَّسم بالمخاطرة، أم أنه كان يتصور سخالين ترياقاًً منعشاً للرؤية السطحية عن الانسانية، أم كان، كما أشك، خائفاً من أن حياته المهنية ككاتب كانت تعرّض إحساسه بالواقع للخطر؟ لقد كان عليه، من أجل صحته، أن لا يسافر. و مع أنه كان ينكر ذلك، فقد تطور لديه مرض السل، الذي سيقتله في عمر الـ 44 عاماً. فقد راح في أوائل عام 1884 يسعل سعالاً جافاً و بدأ يبصق دماً. و لا بد من أنه، باعتباره طبيباً، قد عرف ما يعني ذلك. و خلال الثمانينات من القرن التاسع عشر كانت هناك ليالٍ من السعال العنيف. و كان موت أخيه بالسل في عام 1889 إنذاراً له على نحوٍ مؤكد.لقد كان ما يحتاج إليه تشيخوف هو الراحة في مناخٍ دافئ. و بدلاً من هذا، حكم هو على نفسه بالعمل الشاق الناجم عن رحلة طويلة على صهوة جواد، و عربة تجرها الخيل، و باخرة نهرية و على الأقدام. و في المرحلة الأولى من الرحلة تحمّل برداً فظيعاً، في الليل و في النهار. و كان عليه في الغالب، مع وجود أنهارٍ كثيرة قد فاضت، أن يسافر عبر مياهٍ مضطربة في زوارق لا يُعتمد عليها. و كان العدو، في المرحلة التالية، هو الطين. و غالباً ما كان عليه، بعد انحشار عربته، الخروج منها و المشي لساعات، تتّسم كل خطوةٍ فيها بالعناء الشديد. وفي نهاية الأمر صار يسير عبر منطقةٍ من أشجار الغابات. و كان الهواء مشبعاً بالدخان، الذي تحول إلى طبقاتٍ من الرماد في رئتيه.و على جزيرة سخالين قام ذات يوم بالاعداد لإجراء إحصاء، ووفر ذلك عذراً له لمقابلة السجناء و الحرّاس. و كان مهتماً بالنظام الروسي الخاص بالنفي الداخلي، الذي كان كثيرون يعتبرونه تقدمياً و إنسانياً. فقد كان السجناء، بعد قضائهم بعض محكومياتهم في السجن، يُسمح لهم بالعيش في بيوت خاصة ضمن سيبيريا. و كان بعض المحكومين، الذين مُنحوا أخيراً معظم حقوق المواطنين، يُحرمون أبداً من العودة إلى روسيا الأوروبية، قلب الامبراطورية المتمدن. كان السجناء، في السجن، تُقيَّد أرجلهم بالأغلال. وأول صباحٍ له على سخالين، استيقظ تشيخوف على " قعقعة أغلال السجناء الايقاعية و هم يمرون في الشارع ". و سرعان ما بدأ يزدري النظرية القائلة بأن نظام النفي يشجع على إعادة التقويم أو الإصلاح: " إن سخالين مكان لأقسى معاناة يمكن أن تلمّ بإنسان، حراً كان أم مقيداً بالأغلال. و من الواضح أننا قد تركنا ملايين الناس  يتعفنون في السجون. و قد أجبرت بلادنا الناس على المشي و هم مقيّدون بالأغلال في البرد آلافَ الأميال، و جعلتهم يُصابون بالسفلس، و ألقت بهم جميعاً في أيدي حراس حمر الأنوف ".و لقد تعلم تشيخوف أنه إذا كانت فترة السجن قاسيةً، فإن إطلاق السراح إلى استقلالٍ مشكوك فيه هو أكثر قسوةً. فقد كانت السلطات تعطي السجناء قطّاعات من أرض المستنقعات المكسوة بالاشجار، و تطلب منهم جعل هذه الأرض صالحةً للزراعة. و كان كل سجين يُزوَّد بفأس، ومنشار، و مسحاة فقط. فكانوا يقطعون بعض الغابة و يحفرون قنواتٍ لتصريف مياه المستنقعات. و كانوا و هم يفعلون هذا يعيشون في خيام. و كان الجو يمطر معظم الأيام و نادراً ما يكون دافئاً. " وخلال فترة عدة أسابيع، لن يكون الواحد قادراً على التخلص لدقيقةٍ واحدة من الاحساس بالرطوبة اللاذعة و الحمى ". و كانت أوجاع الصداع و الروماتزم في أنحاء الجسم  هي أعراض " حمى سخالين "هذه، كما كتب تشيخوف. و قد استسلم كثيرون في يأس. و حاول البعض الهرب، ل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram