TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كلمة صدق: ملاعبنا وتعاقب الوزراء

كلمة صدق: ملاعبنا وتعاقب الوزراء

نشر في: 10 يونيو, 2020: 06:14 م

 محمد حمدي

شهدت الأعوام (2008 - 2012) ذروة الطاقة الانفجارية للمخزون المالي العراقي بسبب ارتفاع أسعار النفط ومعها الحصص المقرّرة للوزارات ومجالس المحافظات،

وكان نصيب الرياضة وافراً الى حدود تفوق التصوّر الأمر الذي نتج عنه خطة طموحة في عملية التعاقد مع الشركات لبناء الملاعب الكبيرة التي وضع حجر الاساس لها مبكّراً ومعها الخطة الافتراضية لثلاث أو أربع سنوات لتكتمل الملاعب والقاعات الرياضية في أمدها وأولها المدينة الرياضية في البصرة كأكبر مجمّع رياضي مكتمل بملاعبه الساندة للملعب الكبير سعة 65 ألف متفرّج وفنادقه التي صمّمت لاستيعاب ثمانية فرق خليجية يصاحبها ملعب الميناء بسعة 30 ألف متفرّج وملاعب أخرى بذات السعة في جميع المحافظات باستثناء إقليم كردستان مع مسابح أولمبية وقاعات مغلقة فضلاً عن ملاعب الخمسة آلاف والثلاثة آلاف متفرج بأرضية من النجيل الاصطناعي موزّعة على الأقضية.

عقود البناء التي أبرمتها وزارة الشباب والرياضة زمن الوزير جاسم محمد جعفر مع شركات تركية وإيرانية وأخرى أوروبية بالاسم أو محلية جعلتها الوزارة الأكبر والأكثر تعاملاً في مجال الإعمار والبناء ومعها الحديث في السرّ والعلن عن شبهات تشوب العقود أو خروقات تصاحب البناء، ثم ما لبثت هذه الفورة أن خمَدتْ وتخلّلها الكثير من البرود أو النكول واللجوء الى القضاء بعد تضاعف المُدد الزمنية المعلنة للإنجاز بالرغم من تدارك الوزير جعفر وإعلانه المتسرّع الى حدود بعيدة في الإعلان عن افتتاح ملعب البصرة الدولي في المدينة الرياضية عام 2012، بحفله الباذخ واستضافة أندية عربية الزمالك المصري والعهد اللبناني ووصول ملعب كربلاء وملعب النجف الى نسب مقبولة، فيما تركت ملاعب الناصرية وبابل والمثنى وديالى وغيرها مجرّد مواقع لهياكل حديدية ظهر العجز واضحاً في إمكانية العودة بها مرّة أخرى، وبتقادم الزمن وانحسار الموارد المالية طفت المشاكل الى السطح ولم يعد في جعبة جعفر ما يمكن القيام به ليأتي الدور على الوزير عبطان ويكون وصوله مصاحباً لأخطر الملفات التي عانى منها العراق برمّته في المجال الأمني ودخول عصابات داعش الى البلاد عام 2014 وتدميرها البنى التحتية في محافظات الأنبار ونينوى ومنها الملاعب وتنخفض الإيرادات والميزانية الرياضية الى نسبة مخيفة سوى من بعض الاجتهادات والحركات الشكلية لإكمال أو استئناف العمل أو حتى إعادة افتتاح المدينة الرياضية في البصرة مرة أخرى أو ملعب كربلاء دون أن يكتمل بصورة حقيقية.

إننا حين نورد بعض المعلومات التاريخية القريبة التي حصلت وتعايشنا معها بحلوها ومرّها ليس للتذكير فقط، ولكن لأخذ العبرة بأن العمل الكبير الواقعي هو لاسم العراق وشبابه في ميدان الرياضة وليس لاسم الوزير وملامح سجل الانجاز الشخصي الخاص به مع أن هذا ما يحصل ويتم التعامل به بدليل افتتاح ملعب كبير بحجم ملعب النجف أو كربلاء بساحة خضراء وكراسي متفرّجين وكفى، فالمهم إقامة مباراة افتتاحية وظهور الوزير ضاحكاً باكياً على انغام النشيد الوطني لغايات اخرى، وهنا تكمن الكارثة حيث زرعت هذه الصور انموذجاً لثقافة جديدة قوامها التضليل والتلاعب بمشاعر الجمهور دون أن يكون عنوانها العمل المسؤول والواجب المقدس.

وطالما كنا نعاني ذات الظروف السيئة والملاعب والقاعات والمسابح التي لم تكتمل بعد فإن الأولى للمقبل هو التعامل الموضوعي مع البنى التحتية وعدم التركيز على تخليد الاسماء بها لأنها إن لم تكتمل أو ولدت بالافتتاح بائسة فإن لعنة البؤس والصدمة ستلاصق اسم وزيرها المبتسم طالما بقيت الرياضة وطالما تذكرنا حجم الخديعة لبناء لم يكتمل وخديعة لكسب الوقت والشهرة ..وكفى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram