بغداد/ المدى
يتبادل محتجون وبعض الجهات السياسية والامنية الاتهامات منذ ايام، عن مسؤولية كل منهما في تصاعد العنف خلال التظاهرات الاخيرة، التي طالبت باقالة المسؤولين المحليين.
وتؤكد خيم الاحتجاجات في بغداد ومدن الجنوب، ان تلك الاعمال، كانت من تدبير "احزاب" و"مليشيات" تريد من خلالها حرف المطالب الشعبية.واتفق متظاهرون في عدة مدن على تغيير جميع المحافظين من بابل الى البصرة، بآخرين "مستقلين"، فيما طالبوا بخروجهم بسلمية. ومنذ مطلع الاسبوع الحالي، انطلقت تظاهرات في مناطق الوسط والجنوب، تطالب باقالة المسؤولين المحليين، وانهاء نظام المحاصصة في المناصب الادارية.
وشهدت بعض المدن مصادمات بين القوات الامنية والمحتجين، وخاصة في النجف، التي سقط فيها ضحايا وجرت عمليات حرق لمبان حكومية.
الصدر: تصفية الساحات
وانفرد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بالتعليق على مجريات احداث الاحتجاجات، على الرغم ان انصاره قد غادروا التظاهرات (رسميا) منذ مطلع العام الحالي.
ودعا الصدر، في تغريدة له مساء الاربعاء على موقع (تويتر)، إلى "تصفية ساحات التظاهر من الشوائب"، محذرًا من "نهاية الثورة".
وقال الصدر في حوار متلفز سابق إن "المتظاهرين انحرفوا عن الطريق الصحيح وكانوا بحاجة إلى جرّة أذن". وقرر الصدر في شباط الماضي، بعد اتهامات وجهت لانصاره المعروفين بـ"القبعات الزرق" بقتل محتجين، بحل المجموعة. وقال الصدر في التغريدة الاخيرة، "اسعدتني ثورتكم (....) فقد كانت ثورة سلمية وشعبية ومليونية. ولقد أرعبتم بها الفاسد أيما رعب.. فجزاكم الله خير الجزاء"، مستدركا "إلا أن أعداء الإصلاح حاولوا مرارا المساس بسمعة الإصلاح ومناصريه ابتداء من حادثة الوثبة ومرورا بأحداث مرقد الحكيم وساحة الصدرين وانتهاء بما حدث هذه الأيام". واعتبر الصدر ان "الثورة" قد خرجت عن مطالبها وعن سلميتها. واضاف "فصار الحرق والصراع والاعتداء على القوات الأمنية هو الطابع السائد، مضافة الى خرق الحظر الصحي المانع من أي تجمع مهما كان دينية أم وطنية أم حياتية أم غير ذلك".
واتهم الصدر، بعض الاشخاص "غير المثقفين" بـ"التسلط" على التظاهرات، داعيا الى ضرورة "وقف العنف وترك المهاترات السياسية والفكرية والدينية واللجوء الى الطرق الديمقراطية لحل مشاكلنا واعطاء الفرصة للحكومة الجديدة لتصحيح المسار على الرغم من صعوبة ذلك".واضاف "علينا تصفية ساحات التظاهر من الشوائب ثم اللجوء الى القضاء العادل لمحاكمة المعتدين على المتظاهرين السلميين من جهة وعلى القوات الامنية والمقار الحكومية والممتلكات العامة والخاصة".
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، قد شكل لجنة لتقصي الحقائق حول احداث تشرين، فيما قال الناطق العسكري باسم الحكومة، ان "التحقيقات تحتاج مزيدًا من الوقت".
عنف السلطة والأحزاب
ويتهم ناشطون الاحزاب والحكومة السابقة، بقتل نحو 700 متظاهر، واصابة اكثر من 25 الف آخرين، بينهم قرابة الـ2000 معاق، الى جانب 60 مختطفًا.
ويقول الناشط مهند البغدادي، لـ(المدى) انه "منذ بداية التصعيد ضد المحافظين، قامت جهات مجهولة بخطف الناشط محمد موديل من بغداد، واغتيال الناشط وئام الشعراوي في ميسان". وعشية انطلاق الموجة الجديدة للتظاهرات، هاجمت عصابة "الجريذي"، وهو احد المشبوهين والمتهمين بالتجسس لصالح احزاب، ساحة التحرير واحرقت عدة خيم.
واصدرت ساحة التحرير بيانًا في اعقاب تلك الاحداث، واتهمت احزابا بـ"زج مليشيات" لخلق الفتنة وايهام الرأي العام بان تلك الاعمال قام بها متظاهرون. وبعد طلب المتظاهرين في التحرير من القوات الامنية منع دخول "العصابة" مجددا الى الساحة، قامت الشرطة باعتقال "الجريذي" لكن اطلق سراحه بعد ساعات، قبل ان تعود الحكومة للكشف امس، عن اعتقاله مرة اخرى. وقال الناطق باسم القائد العام يحيى رسول ان :"المجرم (م. خ. ج) الملقب (بالجريذي) اعترف بعد اعتقاله بمسؤوليته مع افراد عصابته عن أحداث منطقة الباب الشرقي والبتاوين وحديقة الأمة". واكد رسول في بيان، ان "الجريذي" قام بعمليات "قتل وطعن وحرق سرادق وممتلكات والاعتداء على المتظاهرين والقوات الأمنية في الساحة".
وكان شاب من مواليد 1992 في النجف، قد قتل في اول يوم من الاحتجاجات المناهضة للمحافظين، حيث استخدمت القوات الامنية الرصاص وقنابل الدخان المسيل للدموع.
كما اصيب اول امس، في النجف ايضا، متظاهر آخر بعد ان اطلقت عليه القوات الامنية الرصاص، اثناء تظاهرات امام مبنىى المحافظة، وهو في حالة حرجة بحسب ناشطين. بالمقابل عرضت قوات الشرطة في النجف، صورا لمنتسبين في تظاهرات النجف، وقالت انهم اصيبوا بالحجارة وبالزجاجات الحارقة "المولوتوف". ويتهم محتجون المحافظين بتنفيذ "اجندات" الجهات السياسية التي ينتمون اليها، واهمال الخدمات في المحافظات. ويؤكد ناشطون ان بعض المحتجين يعتبرون تغيير المحافظين "خطوة اولى" باتجاه تغيير النظام السياسي في البلاد والغاء المحاصصة.
وتحرك اغلب المحافظين في الاسبوع الماضي، لزيارة زعماء الكتل لضمان بقائهم في المناصب، استباقا للاحتجاجات المناهضة لهم.
وقال ناشطون في النجف، ان المحافظ لؤي الياسري، استدعى كل القوات في النجف للوقوف امام دار الضيافة خلال التظاهرات الاخيرة.
تأييد الموظفين
وخلال اليومين الماضيين، تصاعد التأييد للتظاهرات من شريحة الموظفين والمتقاعدين، الذين دعوا الى تنظيم تظاهرات، بعد استقطاعات الرواتب.
وقال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، إن "عملية الإصلاح بدأت وليس لتقليل الرواتب"، مبينًا أن "بعض الكتل تحاول استغلال الإصلاح لأغراض سياسية". وتابع الكاظمي أنه "لا يوجد تخفيض للرواتب وإنما عملية إعادة ترتيب أولويات الميزانية"، مؤكدًا "عدم المساس براتب أي شهيد". وزاد أن "مليون و800 متقاعد لم تمس رواتبهم، والحديث عن وجود نصف مليون مستفيد من الأجهزة المنحلة غير دقيق". وأشار إلى أن "أقل من 20 ألف مستفيد عدد الأجهزة المنحلة، يتقاضون راتبًا ثابتًا لا يتجاوز 500 ألف دينار"، منوهًا إلى أن "لجنة عليا تشرف على عقود إعادة الإعمار في المناطق المحررة في الموصل".
وصوت مجلس النواب على قرار يرفض فيه الاستقطاع من رواتب الموظفين كافة أو المتقاعدين بأي شكل من الأشكال.
ودعا ناشطون وموظفون إلى تظاهرات جديدة في الـ20 من الشهر الحالي، أمام مبنى وزارة المالية في بغداد للمطالبة بـ"إقالة مسؤولين فيها".
وأكد مجلس النواب رفضه "محاولة الحكومة المساس برواتب الموظفين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين والشهداء والسجناء السياسيين"، معتبرا الأمر برمته "غير قانوني وغير لائق".