ثائر صالح
خططت القيام بزيارة سريعة لمدينة تروندهايم النرويجية منذ أشهر طويلة، على أن تصادف الزيارة ليلة منتصف الصيف في عطلة نهاية الأسبوع المقبل حيث يختفي الليل ويصبح اليوم كله نهاراً متصلاً بنهار اليوم التالي.
سبب اختياري هذه المدينة هو شهرتها بجمال طبيعتها وحياتها الثقافية المتميزة بالخصوص النشاطات الموسيقية فيها، وليس آخيراً لقاء الفنان والكاتب العراقي الكبير يحيى الشيخ ولربما لقاء صديقه الغراب في واحدة من الغابات بالصدفة. لكن العرب قالت إن الرياح لا تسير بما تشتهي الطائرات، فقد ألغت شركة النقل رحلتي بدعوى الكورونا، وما حصلت حتى على خُفّي حُنين لأنني لم أذهب حتى أعود بهما.
تروندهايم عروس من عرائس سكندنافيا، ثالث أكبر مدينة نرويجية بسكانها الذين لا يصل عددهم 200 ألفاً، بضمنهم أكثر من 30 ألف طالب، فهي مدينة جامعية والمدن الجامعية متميزة بصخب حياتها الشبابية. جامعتها متميزة وفيها أكاديمية للموسيقى، ثم معاهد أبحاث كثيرة وشهيرة وفرقة سيمفونية معروفة على صعيد عالمي. الحياة الثقافية متميزة بعدد من المهرجانات السنوية والمتاحف: فهناك مهرجان الجاز الذي يعقد في أيار من كل عام (اجّل هذا العام) ومهرجان موسيقى الحجرة الذي يقام في أواخر أيلول، مع تركيز على الفرق الشابة ذات المستوى الفني الرفيع، وترتبط به مسابقة تروندهام العالمية لموسيقى الحجرة التي تأسست سنة 2000.
لكن المهرجان الأهم في المدينة هو "أيام أولاف"، ويرتبط بذكرى الملك أولاف الثاني الذي قتل سنة 1030 ودفن في تروندهايم ورفعت فوق قبره كاتدرائية ضخمة على الطراز القوطي. يعقد المهرجان صيفاً في أواخر تموز وأوائل آب من كل عام ويشهد حوالي 300 نشاط يقدمه المئات من الفنانين المحليين والأجانب يمثلون كل صنوف الفنون في العديد من الأماكن مثل الكاتدرائية وقاعة اولاف للموسيقى (بنيت في 1989) والكنائس الصغيرة الأخرى والأسواق والساحات. المهرجان الأخر هو بي ستيريو تشترك فيه مختلف الفرق من الدول الاسكندنافية والأوروبية وحتى الأمريكية وموعده شهر آب وهو آخر الصيف السكندنافي القصير لكن الكثيف، مواضيعه الموسيقى الألكترونية والبوب والروك مع اهتمام بمواضيع الوعي البيئي.
أما المتاحف فأبرزها متحف موسيقى البوب (روكهايم، أي بيت الروك) الذي يتميز ببناية ذات تصميم معماري متميز، خاصة في فصل الشتاء وليله الطويل بسبب الانارة الملونة المتميزة. المتحف هو أحد المتاحف النرويجية الوطنية ويجمع كل ما له علاقة بموسيقى البوب منذ العام 1950. وهناك متحف الأدوات الموسيقية (متحف رنغفه) وهو متحف وطني كذلك، ويقع وسط حديقة واسعة مساحتها 52 هكتاراً.
كل هذا كنت ما أود معاينته شخصياُ، ونقل انطباعاتي الشخصية عنه للقراء في كتاباتي، فأنا أتجنب في العادة الكتابة عن شيء دون أن أختبره واعاينه بنفسي إلا في حالات نادرة، وهذه واحدة منها.