TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > نافذة من موسكو..العوامل المؤثرة على مسار الحوار الستراتيجي العراقي - الأميركي

نافذة من موسكو..العوامل المؤثرة على مسار الحوار الستراتيجي العراقي - الأميركي

نشر في: 14 يونيو, 2020: 07:42 م

 د. فالح الحمـراني

بعد انتهاء الجولة الأولى من الحوار الستراتيجي العراقي / الأميركي، ما زال أمام الطرفين قضايا محورية مهمة، من المرتقب أن تكون مواضيع للقاءات القادمة. ويرى بعض المحللين ان الحوار الثنائي سيستمر لأشهر أخرى لحسم الملفات الأخرى العالقة في العلاقات الثنائية.

وثمة أجماع على أن العراق يدخل الحوار من موقع الضعيف، وليس هذا للفرق بين المستويات والقدرات الاقتصادية والعسكرية والمكانة الدولية، لطرفي الحوار، ولكن لآن الجانب العراقي لم يحدد بدقة ماذا يريده من واشنطن، غير الشعارات العامة، التي صيغت للاستهلاك السياسي الداخلي، فضلاً عن اختلاف رؤيا الكتل البرلمانية والأحزاب النافذة في تحديد المهام.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايكل بومبيو في 9 حزيران أن المسؤولين الأميركيين والعراقيين سيناقشون قضايا التعاون الرئيسة في مجالات السياسة والأمن والطاقة والثقافة خلال الحوار الستراتيجي الثنائي. ، وقال بومبيو "وافقت الحكومة العراقية على حوار استراتيجي [مع الولايات المتحدة] المقترح في نيسان. واختتمت الجولة الأولى من الحوار بصدور بيان مشترك . وترأس وكيل الدبلوماسية الأميركية ديفيد هيل وكيل وزارة الخارجية [الشؤون السياسية] الوفد الأميركي المكون من ممثلين عن وزارات الدفاع والمالية والطاقة ووكالات أخرى ، وكذلك مع نظرائهم العراقيين. وتم في الإطار الذي وضعه "الحوار السابق على أساس اتفاقية الشراكة الستراتيجية لعام 2008" ، ومن المفترض أن يتناول الحوار جميع المجالات التي تهم البلدين - السياسة والأمن والثقافة والطاقة". وقال بومبيو إنه بسبب انخفاض أسعار النفط و "العجز الكبير في الميزانية" للعراق ، من المهم أن تعمل واشنطن وبغداد "كشركاء ستراتيجيين من أجل التخطيط لمسار مفيد للطرفين إلى الأمام". وهناك كل الأسس للاعتقاد بأن نتائج أن هذا الحوار الأميركي العراقي ستكون له انعكاسات قد لا تقتصر على العراق فحسب وإنما اقليمية ، بل قد تمتد إلى منطقة الشرق الأوسط بأكملها. في الوقت نفسه ، وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي حدّد في مؤتمر الصحفي الأول بعض الموضوعات التي تناولها الحوار لكن لم يكن بوسع كابنيه تشكيل موقف عراقي موحد وتضامني بشأن ما تريد بغداد من الولايات المتحدة بحلول موعد الاجتماع المقرر. بل على العكس ، ظهر أن هناك تباين حاد في مواقف الشركاء في العملية السياسية في العراق (الشيعة والسنّة والكرد والمكونات الأخرى) فيما يتعلق بالوجود الأميركي. وفي هذا الصدد ، لا تزال الحكومة الحالية تحاول الحفاظ على التوازن بين الولايات المتحدة من جهة وحلفائها وأعدائها في العراق وفي الخارج من جهة أخرى. وربما تكون هذه واحدة من أهم النقاط التي يمكن أن تؤدي إلى إضعاف الجانب العراقي في المفاوضات ، لأنه ليس لديه مخطط واضح لما تأمل بغداد تحقيقه من هذا الحوار.

وفي هذا الصدد ، من المنطقي تحليل مواقف مختلف الأطراف في النخبة السياسية العراقية والدول المجاورة بشأن هذه القضية. لقد أرسلت إيران ، وهي أحد الرعاة الرئيسين للعملية السياسية في العراق إلى جانب الولايات المتحدة ، وزيرها للطاقة إلى بغداد على رأس الوفد الذي ضم أيضا إسماعيل قاآني ، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني. ووقعت اتفاقية طاقة جديدة مع بغداد لمدة عامين بعد تجديد الاتفاقية سنوياً في الماضي. كما تلقت إيران 400 مليون دولار من مساهمات العراق ، وهو نصف المبلغ المستحق لإيران على صادرات الطاقة للعراق. وستدخل هذه الاتفاقية حيز التنفيذ بعد أيام قليلة من زيارة وزير المالية العراقي علي علاوي للمملكة العربية السعودية ، والتي تم اعتبارها بداية للتعاون الستراتيجي مع المملكة العربية السعودية في مجال واردات الطاقة كبديل لإيران. وتجدر الإشارة إلى أن السعوديين غير قادرين على ذلك مع كل الرغبة في استبدال كميات الغاز الإيراني، وهذا هو أساس واردات العراق في إطار إنتاج الكهرباء. لكن الزيارة تؤكد بالتأكيد رغبة بغداد في أن تظهر على الأقل لطهران وواشنطن رغبتها في تنويع العلاقات الاقتصادية.

لقد شكّلت الولايات المتحدة بالفعل وفداً رفيع المستوى لهذا الحوار، الذي مثل العراق فيه الوكيل الأقدم لوزارة الخارجية وكيل الوزارة للعلاقات الثنائية : د. عبد الكريم هاشم مصطفى. وبعد الانتهاء من تشكيل حكومة السيد الكاظمي كرس منصب وزير الخارجية لفؤاد حسين الذي وعليه الآن التعامل مع الشؤون الخارجية ، أثار تعينه الكثير من الجدل الجدي بين أعضاء البرلمان والقوى السياسية الرئيسة في العراق ، لكنه الآن في الواقع سيحدد توجهات الحوار الستراتيجي العراقي الأميركي. علاوة على ذلك ، ولفت تقرير بالروسية الى أن زعيم منظمة بدر ونائب رئيس قوات الحشد الشعبي هادي العامري استقال من عضويته في البرلمان على خلفية شائعات بأن استقالته كانت مقدمة لتعيينه في منصب حكومي نافذ فقط ليمكنه حضور الحوار العراقي الأميركي رسمياً ، نظراً، كما يرى محللون في روسيا، لعلاقاته الوثيقة مع إيران. وبعبارة أخرى، والتعبير لتقرير من معهد الشرق الأوسط "سيعمل كممثل لإيران في هذا الحوار". في الوقت نفسه ، "لا يزال العرب السنّة، ، ليس لديهم أحد يمكنه تمثيلهم في هذه المشاورات." ودفع ذلك ممثلي السنّة للتحدث بصوت عال حول أهمية وجود مثل هذا الوجود ولكن لم يحقق حتى الآن أي نتيجة عملية". والكلام أيضاً للمعهد الروسي.

وذهب التقرير نفسه إلى "إن نتائج مثل هذا الحوار تنطوي على احتمالات استقالة مبكرة لحكومة مصطفى الكاظمي ، والتي ستزداد بشكل حاد إذا لم تتمكن من الخروج من هذا الحوار بما يرضي رغبات جميع الأطراف المؤيدة للتشكيل الحكومي ، ولا سيما للمحور القريب من إيران. وتخشى هذه القوى، في إطار هذا الحوار ، التوصل إلى اتفاق حول دمج الميليشيات المسلحة في النظام الأمني والقوات المسلحة ، وهذا شرط أساس للولايات المتحدة لأي دعم للحكومة الحالية أو المستقبلية". وهذا جزء من جهود واشنطن لممارسة الضغط على حكومة الكاظمي من وجهة نظر الابتعاد بأقصى مسافة ممكنة عن مدار النفوذ الإيراني ، كشرط لدعمها العسكري والاقتصادي والدولي. 

وخلص التقرير بالقول:" إذا قرر الكاظمي وفريقه التفاوضي الإصرار على الانسحاب الكامل للقوات الأميركية من العراق ، كما تطلب الجماعات المسلحة والسياسية في البلاد وكما تريد إيران ، فإن الولايات المتحدة ستوقف الاستثناء الممنوح لبغداد لاستيراد الطاقة من إيران، وتبدأ حرباً اقتصادية صعبة والنتائج التي يبدو أن العراق لن يتمكن من النجاة منها". وأعاد الأذهان إلى : أن موقف دوائر شيعية الى جانب مكونات أخرى تحفظت على إنهاء الوجود الأميركي . ولاحظ : أن السياسة هي فن الممكن ، مما يعني أن الوجود العسكري الأميركي ، وإن كان بشكل مختصر ، سيبقى في العراق على المدى المتوسط على الأقل. فبغداد ملزمة بذلك من خلال الحقائق الاقتصادية الصعبة في المقام الأول.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: أحلام المشهداني

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

قناديل: بغدادُنا في القلب

عنوانان للدولة العميقة: "الإيجابية.. و"السلبية"

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

 علي حسين ما معنى أن تتفرغ وزارة الداخلية لملاحقة النوادي الاجتماعية بقرارات " قرقوشية " ، وترسل قواتها المدججة لمطاردة من تسول له نفسه الاقتراب من محلات بيع الخمور، في الوقت نفسه لا...
علي حسين

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
د. فالح الحمراني

السرد وأفق الإدراك التاريخي

إسماعيل نوري الربيعي جاك لوغوف في كتابه "التاريخ والذاكرة" يكرس الكثير من الجهد سعيا نحول تفحص العلاقة المعقدة، القائمة بين الوعي التاريخي والذاكرة الجماعية. وقد مثل هذا المنجز الفكري، مساهمة مهمة في الكتابة التاريخية،...
إسماعيل نوري الربيعي

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

توماس ليبلتييه ترجمة: عدوية الهلالي بالنسبة للبعض، تعتبر الرغبة في استعمار الفضاء مشروعًا مجنونًا ويجب أن يكون مجرد خيال علمي. وبالنسبة للآخرين، فإنه على العكس من ذلك التزام أخلاقي بإنقاذ البشرية من نهاية لا...
توماس ليبلتييه
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram