TOP

جريدة المدى > عام > هلوسات العزلة

هلوسات العزلة

نشر في: 16 يونيو, 2020: 05:43 م

عواد ناصر

 

الأرضُ مريضةٌ هذه الأيام

والأحلام الناعمة

الصغيرة

تتساقطُ من جيوبي المثقوبة

والعلاجُ الوحيدُ هو إنني زرعتُ قليلاً من الجيرانيوم منزوع العطر

ربما لأنني احتاجّ الألوان أكثرَ من العطور

مدمنو تغيير العالم ما زالوا يمارسونَ خداعَ أنفسهم

حزمةُ أغانٍ بائتةٍ نسيتها في محطةِ قطار محلّي

لا أخافُ الموتَ

أخافُ أصدقائي

الوطنُ؟

هو المسافةُ الممتدةُ من مسقطِ الرأسِ

حتى سقوطُ السؤالِ

امرأةٌ تحبُّ السمكَ

وتقلي الباذنجان وهي عاريةٌ

شاعرةٌ صرّحتْ لوكالات الأنباء:

"أُحبُّ هذا الرجلَ"

لا حبّ يدومُ أكثرَ من أربعةِ أشهر (سهير رمزي)

بعد أن استحالت جدران عزلتي مرايا

سألتني إحداها: ما الذي تفعله وقد بَعِضتِ الحديقةُ؟

قالت المذيعةُ الكاذبة: "غنيُّ عن التعريف"

قاطعتها: بل أكثر الناس بحاجةٍ إلى التعريف

ترافقني أوزارَ حياةٍ ملتبسة من نهر البتيراء إلى نهر التيمز

هل ثمة شكوكٌ؟

بلى، وما أكثرها

لا أعرف ما دورُ المثقف

ما أعرفه هو إن اللغة ليست وسيلةً للتفاهم

اللغة وسيلةٌ للخلاف

لكن ديزموند ستيوارت شارك في تظاهرةٍ مصريةٍ

إثرَ اغتيالِ غسان كنفاني

تظاهرةٌ ضدّ اللغةِ الملساءِ

اعترفَ المعتقل السياسي واعتذر لجلاديه

بعد أن هددوه باغتصابِ أمّه

قال: لم يثنني التعذيب الوحشي

قررت أن أكونَ خائناً أسهلُ من بطلٍ شاركَ في جريمةِ اغتصابِ أمه

قلتُ لكم: ما أكثر الشكوك!

... ولهذا، يا هذا، وضعوا كاميرا خفيّة

في قلبِ التمثال

تمثال الشاعرِ الشهير

لمراقبةِ الشعراءِ غير المشاهير

وفي المياه العمياء غرقَ زورقٌ متقاعد

لم ينقذه سوى فنارٍ نعسان

نزل إلى البحر وهو يتثاءب

بينما أُمّي تعدّ أيامَ الشهرِ على أصابعها

لا هي تقبضُ راتباً ولا أنا

قالت: أنا مزهرية لا معنى لها في بستان

ولا شيء لأضيف

يتألف لوركا من زنابقَ وأجراسٍ من فضة

حصانٌ أشقرُ يصهلُ عبرَ التلالِ

غرناطةُ ترتجفُ عند قبرٍ مجهولٍ

لمصارع الثيرانِ الوسيمِ الذي نجا من الحربِ الأهلية كلها

كتبَ مرثيةَ نفسه بغرورِ نسرٍ أعزلَ

عاشقُ بلا امرأةٍ اتكأ على كتفِ غرابٍ

في الطريقِ إلى الحانة

سكرَ الغرابُ وتركه وحيداً

كان المطرُ غزيراً في الخارج

كلما أمطرتْ يشتري مظلة

وأنا عاملُ بناء

شيدتُ بيتاً يتسعُ لكلّ أصدقائي

فاحتفلت: هيأت الطاولة والنبيذَ ويديَّ الخشنتين

ولَم يأتِ أيّ منهم

رغم هذا أتوقّعُ أنني سأحبّك

لأنّ لعينيكِ صوتاً

ولشفتيك قلقَ العروس

لكنك لا تعرفين مسعود العمارتلي:

"حطْ جارْ إليَّه جاني وشدهني هواي

ميتاتْ اديّـــــه حاجهْ وغرضْ مكضيت"

... وأنّا أنسى قصائدي التي أكتبها خلال النوم

و.....إلخ إلخ إلخ.

لندن – ١٦ حزيران 2020

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

النوبة الفنيّة أو متلازمة ستاندال

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا

تخاطر من ماء وقصَب

موسيقى الاحد: كونشرتو البيانو الثالث لبيتهوفن

التقاليد السردية بين الأصالة والأقلمة

مقالات ذات صلة

أدباء: الشعر لم يخل عرشه فما زال يتشبث وأثبت بأنه يحتفظ بالقدرة على التنويع والتجديد
عام

أدباء: الشعر لم يخل عرشه فما زال يتشبث وأثبت بأنه يحتفظ بالقدرة على التنويع والتجديد

علاء المفرجي يرى الكثير من القراء والنقاد انه كان للرواية ظهور واضح في المشهد الأدبي العراقي خلال العقود الثلاث الأخيرة، فهل استطاعت الرواية أن تزيح الشعر من عليائه؟ خاصة والكثير من الشعراء دخلوا مجال...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram