محمد حمدي
عرّف القانون العراقي رقم 13 لسنة 2006 الهيئة الوطنية للاستثمار بأنها الهيئة التي شُكّلت بموجب هذا القانون وهي المسؤولة عن رسم السياسات الوطنية للاستثمار ووضع الضوابط لها ومراقبة تطبيق الضوابط والتعليمات في مجال الاستثمار وتختص بالمشاريع الستراتيجية ذات الطابع الاتحادي حصراً،
وبما أن المنشآت الرياضية الخاصة بالمنتديات والأندية التابعة لوزارة الشباب والرياضة هي من ضمن المشاريع المشار إليها، وقد نصّتْ الضوابط ذاتها أن لا يكون الاستثمار على حساب الإنسان والخدمات الاجتماعية العامة بمعنى أن لا يضرّ بنا الاستثمار اجتماعياً.
هذه الخطوات والاساسيات سارية المفعول على مديريات الاستثمار في الوزارات ومنها وزارة الشباب والرياضة التي نشطت في حقل الاستثمار خلال السنوات الأخيرة ومنحت مشاريع بأعداد هائلة الى المستثمرين في جميع محافظات العراق، ولكنها في نسبة كبيرة لم تكن موفقة في الاختيار نوعياً بحسب آراء العاملين في المنشآت أو الخبراء المقرّبين في إشارة الى أنها لم تراعِ أهداف القانون الذي نصّ على تشجيع الاستثمار ونقل التقنيات الحديثة للإسهام في عملية تنمية العراق وتطويره وتوسيع قاعدته الانتاجية والخدمية وتنويعها.
هنا يجب أن نتوقّف عند حدود الفائدة والتطوّر من تحويل قاعة رياضية تابعة لمنتدى عريق ونادٍ معروف الى مول تجاري أو مجمّع محلاّت أو فندق فمن يراعي هذا التطوّر الذي كان الأجدر أن يكون رياضياً، ولو كانت هناك وقفة ومراجعة حقيقية لتمعّنتم في فقرة، تنمية الموارد البشرية وتطويرها حسب متطلّبات السوق وتوفير فرص عمل للعراقيين.
إن ما لا خلاف عليه هو أن عالم الرياضة مليء بالاستثمارات الربحية المشجعة التي لا تحيد عن ميدان الرياضة وتوفر كما نشاهد في دول العالم من حولنا الآلاف من فرص العمل الحقيقية وتنمية الموارد البشرية، ولكنها في استثماراتنا تنحو العكس تماماً وغالباً ما يكون العذر هو توقف النادي عن العمل، فيما لو توقفنا عن الاستثمار في أرضه لأن الدولة لا يمكن لها أن تكون مموّلاً فقط ، قد يكون العذر مقبولاً الى حدِّ ما، فالحكومة مثقلة جداً وهي الجهة التي تدعم وتصرف على الأندية وتدفع لها مبالغ مالية ضخمة، بالمقابل تسرف الأندية في الإنفاق الى حدود غير مقبولة، وبالرغم من هذا الإنفاق الحكومي الكبير على الرياضة والأندية، لكن النتائج غير مرضية ولا تتناسب مع مستوى الصرف العالي، ولا مع مستوى الرياضة وتاريخها في العراق .
بهذا الشكل نكون قد لخّصنا المشكلة من الجانبين، فالاستثمار ضرورة، ولكن النوعية أهم بالتأكيد وعلى الأندية أن لا تتصوّر أبداً أن يبقى الحال كما كان عليه في السابق.
بذلك يجب التوافق على صيغة لا تمنع الاستثمار النوعي ولا تقف عائقاً في طريق التطوّر الحقيقي، فالاستثمار اليوم صار حاجة ملحّة لاستمرارية الأندية في تغطية نفقاتها، ولكن من له القدرة على دراسة الاستثمار والتقيّد بالقانون ونحن نرى الهدر في الأراضي وكثرة المشاريع العبثية أو غير المجدية؟
واحدة من الحلول السريعة، وطالما كنا قريبين من إقرار قانون الأندية والاتحادات الرياضية هو أن تتواجد فقرات في القانون الجديد تعنى بالاستثمار من جميع النواحي وصولاً الى الاستثمار في الاحتراف للاعبين، واعتقد إن الافكار الكثيرة في هذا الجانب قد نضجتْ الى حدود بعيدة، وتولّدت خبرة كافية لدى الخبراء المقرّبين من الأندية ومجالس المحافظات في وضع صورة كاملة وإن كانت مستوحاة من أي دولة أجنبية نجحت مشاريعها الاستثمارية في الرياضة.
الحقيقة إن هذا الملف بتشعّباته وتبادل الأدوار والأخطاء فيه لا بدَّ أن يتوقف عند حدود الدراية والمعرفة والجدوى من الاستثمار، ونعتقد أن التغيير في السياسة والفلسفة الرياضية ستتغيّر بمرور الوقت شئنا ام أبينا.