TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الاسدي مرة أخرى

العمود الثامن: الاسدي مرة أخرى

نشر في: 18 يونيو, 2020: 08:54 م

 علي حسين

مشاهدة فيديوهات بعض الذين يحملون لقب "سياسي" زورًا وبهتانًا، ويجلسون تحت قبة البرلمان، تجعل الواحد منا يتساءل: هل يعقل أن يعود العراق بعد كل هذه التضحيات وعشرات الآلاف من الشهداء وملايين المشردين إلى دولة يتحكم فيها أشخاص لايحبون وطنهم؟ 

ومن المصادفات، وأنا منهمك في العمل، نبهني أحد الزملاء عن فيديو للخبير الجنرال في الأمن عدنان الأسدي يقول فيه، وبكل فرح وسرور، إن إيران تجذرت في العراق، ويضيف بلغة "الخبير!!"، إن أمريكا عندها السماء وإيران عندها الأرض، ويكمل بكل أريحية: "محد يكدر يطلع إيران من العراق".

لا أعرف حتى هذه اللحظة ما المناسبة التي جعلت عدنان الأسدي، رئيس كتلة دولة القانون في البرلمان العراقي وليس الإيراني، يشدو على مسامعنا قصيدة الغزل هذه بالجارة طهران..

تحتل الأحزاب السياسية الحاكمة عددًا من المحافظات والوزارات تضاف إليها المنطقة الخضراء وجزء لا بأس به من الجادرية، لكنها عندما تواجه مسألة تنظيمية أو إعادة تقييم، فإنها تذهب، إما باتجاه الجارة الشرقية، أو تركب الطائرة لتحطّ عند أردوغان.

كنا نعتقد أن لدى الساسة العراقيين طريقًا للخروج من الأزمة، فإذا بنا نقرأ ونسمع أن جمال الكربولي ومعه أحمد الجبوري الشهير بـ"أبو مازن" مضافًا إليهما خميس الخنجر يعقدون اجتماعًا في إسطنبول لمناقشة أسهل الطرق في الحصول على المكاسب، في الوقت الذي تتجه أنظار الأحزاب الشيعية صباح كل يوم، صوب طهران للحصول على مباركتها. 

ألم يحن الوقت لمراجعة أخلاقية شاملة تجعلنا نطرح السؤال المهم: هل يجوز أن نجد أحزابًا تستولي على المناصب وتتقاسم المغانم، وأعضاؤها ينعمون بأعلى الرواتب وبأرقى الامتيازات، لكنها تناقش قضاياها في دول الجوار، ولا قانون يقف بوجهها، لأنها في عرف هذه الأحزاب علاقات ستراتيجية؟

عندما أيقن ديغول بخسارته في الاستفتاء الذي أجراه عام 1969، عاد إلى بيته الريفي وظلّ مقيمًا فيه إلى حين وفاته. لم يطلب طعنًا ولا إعادة عدّ وفرز يديوي، لم يتوعد خصومه بحرب أهلية، كل ما فعله الجلوس في الريف يتسامر مع القرويين.

لا يمكنك أن تعرف من هو الوطني في العراق، ومع مَن، ولا لماذا، ولا إلى متى! في أميركا ودول أوروبا "الكافرة" ينسحب مرشح من معركة الرئاسة، عندما يُكتشف أنه غشّ في دراسته الثانوية، وليس في"الوطنية"!

اليوم المواطن المغلوب على أمره مثل "جنابي" يحق له أن يسأل، متى يطمئن ركاب سفينة الوطن على حياتهم ومستقبلهم، في وقت يصرّ فيه ساستنا الأشاوس على أن يمضوا بنا فى بحر هائج تتصارع فيه المصالح وحيتان الفساد؟، فيما المواطن المسكين حائر تتخبط به الأمواج والخطب والشعارات، بينما لا شاطئ هناك ولا ضوء بعيدًا يهتدي به وإليه، باستثناء خطب عن ملابس المرأة، والإصرار على أننا طلاب آخرة ولسنا طلاب دنيا .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Khalid Muften

    السياسي الذي يتفاخر بسيطرة الجيران على ارض بلده وسمائها لا يستحق العيش والتنعم بخيرات البلد .

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram