محمد حمدي
رحم الله رمزنا الوطني نجم الملاعب الغيور الكابتن أحمد راضي واسكنه فسيح جنانه، فقد أبى إلا أن يكون مدرسة تعلّم الأجيال حتى في مأواه الأخير، لقد عبّر النجم راضي أصدق تعبير عن المكانة الكبرى لنجوم الرياضة ومدى التأثر الجماهيري في الداخل والخارج لرحيله، فضلاً عن الفواصل الكثيرة التي أشّرها سواء بتواصل المسؤولين بصدق أم بنفاق فاضح لمجرّد الظهور والتباكي وادعاء التأثر!
غالبتنا الدموع جميعاً ونحن نرى لحظات خالدة لاستذكار النجم العراقي في إسبانيا وإنكلترا وإيطاليا والبرازيل واليونان وتركيا وهولندا وقطر والأردن ومصر وكوريا الجنوبية، إنها ببساطة مكانة صنعت بالخلق الرياضي الرفيع والمهارة وأكسبت صاحبها تقدير العالم أجمع، وهي قلّما تتوافر في شخص واحد، هذا الاهتمام دفع البعض الى التسابق المحموم في الإعلان عن النصب والتماثيل ولا ضير في ذلك إن كان في الأمر مصداقية، ولكنه بذات الوقت دفع أشباه الإعلاميين في التصيّد مبكّراً لعثرات أو خلافات كانت حاصلة بين نجمنا الراحل وعدد من الشخصيات لأمور لا تستحق الذكر الآن، ونحن نرى القامة الشامخة ومكانتها عالمياً.
نتمنى وحفاظاً على قدسية الأسم أن يبتلعوا ألسنتهم ويتركوا البحث عن الشهرة على حساب الأموات !
روتين
أسوأ ما يواجهنا في الحياة تحت سماء بلدنا أو أنه الأسوأ على الإطلاق هو ملف الروتين، هذا الملف المُمّل المُمرّض المُتشعّب كفيل بقصم الظهور وإنهاء الحجّة ووصد الأبواب، فعتمته هي من وقفت حائلاً بوجه أكبر وأهم المشاريع الاستثمارية الرياضية في العراق من كثرة المراجعات الى إثبات الشخصية وضياع الكتب أو عدم وضوح الختم والتوقيع كما حصل مع أحد المستثمرين من أهالي البصرة الذي كلّفته إشارة صحّة صدور أن يعود الى البصرة من بغداد ست مرّات دون أن يحصل على مبتغاه، والروتين كان حائلاً دون إلتحاق لاعبين ونجوم في الأندية والمنتخبات الوطنية أو استحالة مشاركاتهم.
وطالما كنّا نئِنُّ تحتَ وطأتِه فلا أمل بالإصلاح أبداً حتى من تلك المذكّرات التفاهمية الطموحة بين المؤسّسات الرياضية وغير الرياضية، فسرعان ما ستصطدم بهذه العقدة المريرة ويلعن صاحبها يوم التفكير بها ويعود متقهقراً.
المصيبة أن لا إشارات تدلّ على تجاوزها، والعكس صحيح، حتى فيما يتعلّق بجائحة كورونا وتعاون وزارة الشباب مع وزارة الصحة في تخصيص قاعات الأولى وفنادقها الى محاجر صحّية لكم أن تتصوّروا حجم وعدد الكتب الرسمية واللجان المنتظرة للجرد المخزني ولجان الاستلام والتسليم والإنفاق والصيانة والتنسيب الأمر الذي يحتّم موت المشروع في مَهدِه!
لقد تجاوزت دول العالم من حولنا عقد الروتين بعشرات السنين، وحلّ الاسلوب الرقمي بديلاً عن ملفات الورق وقصّصاتها وكثرة المتعاملين بها في الوقت الذي خطونا الى الخلف بمسافات هائلة بسبب (كتاب تحديد الصلاحيات، وتغيير ختم المسؤول) الذي عرقل آلاف المشاريع وأزهق أرواح الأبرياء.
فرصة
قبل نحو شهر من الآن بثّ التلفزيون الرياضي الفنلندي أحد البرامج الرياضية لإنجازات الابطال الشباب بالألعاب الفردية على مستوى قارة أوروبا كانت قد تحقّقت العام الماضي، الأجمل أن من بين الشباب الأبطال مجموعة من اللاعبين العراقيين بألعاب الملاكمة والمصارعة وألعاب القوى والتنس وكرة الطاولة في السويد وفنلندا وسويسرا.
تحدث والد أحد الأبطال وهو من محافظة المثنى متمنياً ومعاتباً المؤسّسات الرياضية العراقية بذات الوقت أن تستثمر النجوم الجاهزين من أبناء العراق المغتربين الذين أعدُّوا رياضياً بطريقة مثالية ومن المُمكن زجّهم في المنتخبات الوطنية لتمثيل بلادهم وتحقيق أفضل النتائج قبل أن تصطادهم ألوان الغير.
قد يبدو الموضوع متداولاً، وليس بجديد أبداً مع ذلك يتعيّن علينا التذكير به على الدوام حتى وإن كان الظرف طارئاً فقد يأتي اليوم الذي نعود به عن طريقهم على منصّات التتويج الأولمبية.