اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: صواريخ.. وأوكسجين

العمود الثامن: صواريخ.. وأوكسجين

نشر في: 28 يونيو, 2020: 09:27 م

 علي حسين

منذ أن قررت احتلال هذه المساحة من الصحيفة قبل ما يقارب الأحد عشر عاما، وأنا لديّ مشكلة أساسية مع ما يقوله العاملون في "مزاد السياسة"، وتراني أضحك كلما سمعت أحدهم يذرف الدمع على حال العراقيين، ويطلق الزفرات والآهات على أحوال البلاد والعباد، والأموال التي سلبت في وضح النهار..

ومثل جميع كتاب الأعمدة أخذت أكتب عن أحوال البلاد، وأتابع خط سير إياد علاوي وأسأل نفسي متى يعرف بحال العراقيين؟، وكنت كلما أسمع نوري المالكي وهو يتحدث عن التنمية والإعمار أضحك في سري مثل ملايين العراقيين الذين حصدوا ثمار تنميته : موت يسجل ضد مجهول.. وميزانية خاوية.. وغياب تام للخدمات.. ودولة تعجز عن توفير كهرباء ومستشفيات تليق بالبشر، مع وفرة هائلة من اللصوص والانتهازيين ومشعلي الفتن.

لا تعرف الناس أين تذهب المليارات التي خصصت للتنمية والإعمار.. أكتب هذه الكلمات وأنا أقرأ التقرير الذي نشرته الصحافة الامريكية ، والذي يكشف فيه، النقاب عما قال إنها "عقود فساد تحققت بين الجيش الأميركي والحكومة العراقية وعلى أعلى المستويات"، وأن هذه العقود التي ثبت أنها تلاعبت بمليارات الدولارات من خزينة الدولة العراقية كان وسيطًا فيها عدد من المقربين لاحزاب السلطة . 

في بلاد العجائب والغرائب يبدو المشهد شديد التناقض وموغلاً فى السخرية، جهات مسلحة تصر ان من حقها ان تواصل لعبة اطلاق الصواريخ ، ومرضى تعج بهم المستشفيات يبحثون عن اوكسجين يعيد لهم الحياة ، فتخبرنا وزارة الصناعة ان معامل الاوكسجين يديرها رجال اعمال استثمروها ، وهم وحدهم يحددون كمية الانتاج والسعر ، في بلد آخر غير العراق، وشعب مغلوب على أمره غير هذا الشعب المسكين، لا يمكن لمقاول أو تاجر أن يمنع الحياة عن انسان مريض ، ولكن هذا لا ينطبق على أثريائنا الذين سيطروا على كل شيء.. هذا عصر يريد الجميع أن يضعه تحت إبطه، ساسة سوف تذكرهم كتب التاريخ، بأنهم بلا ظلال سوى ظل الخديعة، بلا مواقف سوى مواقف الصفقات والمؤامرات، بلا لون سوى لون واحد، الابتزاز والانتهازية والطائفية، وسرقة ثروات البلاد تحت شعار "هذا من فضل ربي".

كان أمام العراق نموذجان : الأول اليابان، التي نهضت من ركام الحرب العالمية الثانية في أقل من عقد لتتصالح مع نفسها ، لتصبح إحدى القوى الاقتصادية الكبرى، والثاني أفغانستان، التي حققت شيئًا واحدًا: جلد الفتيات في الشوارع . جماعتنا اختاروا النموذج الأسوأ. أهملوا الكفاءات ، واجلسوا خبراء الانتهازية على مقاعد المسؤولية ..انظر الى وجوه مسؤولينا ولاحظ ما هي القواسم المشتركة: جهل وفشل، هذا أسوأ ما فعله النظام السياسي. منع العلم والتنمية والعدالة الاجتماعية ، وأعطانا عديلة حمود ومشعان الجبوري. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عبد الحسن علي الغرابيe

    الكاتب بقلمه الحر الرصين يفتح نافذة لتهب منها رياح الوعي علي حسين عين ترصد وقلب يتالم بحرقة وقلم يصور معانات شعب سلط الله عليه طغمة فاسدة كان بينها وبين اهل البلد عداء فتعمدوا الدمار والخطف والقتل والتهجير والتجهيل والمتاجرة بالمخدرات ... تحياتي

يحدث الآن

تغيير جذري في قرعة دوري أبطال أوروبا

النقل العام في العراق.. حل مؤجل لازمة دائمة

بالصور| تشييع جثامين شهداء الحشد الشعبي الذين ارتقوا أثر القصف على شمال بابل

مع الاغلاق.. أسعار الدولار تستقر في بغداد وترتفع باربيل

النزاهـة: كـشف مخالفات بعقـد قيمته (٤,٥) مليارات دينار في كربلاء

ملحق منارات

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

 علي حسين تنقل لنا الأخبار، بين الحين والآخر، عدداً من البشارات أبرزها وأهمها بالنسبة لهذا الشعب " البطران " هو الاجتماع الأخير الذي عقده الإطار التنسيقي ، وفيه أصدر أمراً " حاسما "...
علي حسين

قناطر: الجامعة العراقية وفخرية الدكتوراه لضياء العزاوي من لندن

طالب عبد العزيز تنهدم البلدان بتخليها عن تقاليد شعوبها، وقد أثبتت التجارب في المجتمعات العريقة المحتفظة بتقاليدها أنَّ ذلك هو الصواب. ولسنا في وارد الحديث عن التقاليد، أيِّ تقاليد إنما ما هو حياتيٌّ، ونبيلٌ،...
طالب عبد العزيز

مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.. في المنطق القانوني

د. اسامة شهاب حمد الجعفري يحتل قانون الاحوال الشخصية في حياة الفرد مركزا حساساً لارتباطه ارتباطاً وثيقاً بتنظيم حياته الاسرية وتعلقه بمعتقدات الفرد ومركزه الاجتماعي. فمن الطبيعي جداً ان تتجاذبه الاراء خاصة وانه اضاف...
د. اسامة شهاب حمد الجعفري

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

د. طلال ناظم الزهيري في عالم محكوم بالصراع والتنافس، تظهر مفاهيم وممارسات جديدة تقود هذا التنافس وتتحكم في إيقاعه لصالح طرف أو آخر. واليوم، ومع المد الجارف لمواقع التواصل الاجتماعي ودورها المؤثر في تشكيل...
د. طلال ناظم الزهيري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram