TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نقطين شارحة: لماذا خسرنا "قانون الصحفيين"؟

نقطين شارحة: لماذا خسرنا "قانون الصحفيين"؟

نشر في: 8 أكتوبر, 2012: 06:39 م

 مازن الزيدي
علينا الاعتراف، نحن معاشر الصحفيين المستقلين، باننا اخفقنا في ادارة معركة "قانون حماية الصحفيين" سواء من لحظة كتابته او بعد اقراره وصولا الى لحظة رد الطعن الذي قدمته منظمات معنية بحرية الصحافة واستقلالها. لنعترف ايضا اننا "تقاعسنا" بما فيه الكفاية ليتم تمرير هكذا قانون رغماً عنا، وهذا ما أدى بنا لخسارة جولة الطعن بالقانون المثير للجدل.
علينا الاعتراف بفشلنا والكف عن تعليق حلقات اخفاقاتنا وفشلنا على شماعة مؤامرات الكتل والاحزاب او حتى نقابة السيد مؤيد اللامي التي استقتلت لتمرير القانون ضاربة عرض الحائط التحفظات والثغرات التي اشرها شيوخ الصحافة الحريصين على بلاط صاحبة الجلالة الاّ يضيق والا يقوض والا ينتهك من خلال سوء استخدام لقوانين عراق الاستبداد والديكتاتورية.
نجحنا لمرة واحدة فقط عندما اجبرنا المشرع العراقي على رفع شرط عضوية نقابة الصحفيين التي تضمنتها مسودة القانون في تعريف من هو الصحفي المشمول بامتيازات القانون. لكنا فشلنا وفشلت معنا كل الورشات والمؤتمرات التي عقدت لمناقشة المسودات التي تضمنت مواد وفقرات تقيد من حرية العمل الصحفي وتعمل على احتكار المعلومة وقد تشرع اعتقال ومحاكمة الصحفي على رأي أبداه او معلومة او وثيقة كشفها رغما عن الدولة.
القانون، الذي تفتحر نقابة الصحفيين بتمريره والدفاع عنه بشدة، يتضمن ثغرات خطيرة لم يلتفت لها، على الارجح لو احسنا الظن طبعا، لا السادة المشرعون في لجان الثقافة والاعلام والقانونية النيابيتين ولا حتى الزملاء في النقابة. فالمواد 4، 5، 6، 7 تعلق الاطلاع على الوثائق وكتابة التعليقات، والاطلاع على البيانات الرسمية على "حدود القانون"، خصوصا المادة الاخيرة التي تنص على ان "لا يجوز التعرض الى أدوات عمل الصحفي، الا بحدود القانون".
وبحسب الخبراء فان "حدود القانون" هذه تحيلنا الى قوانين العهد السابق التي لازالت سارية لحد اللحظة كقانون العقوبات العراقي، والمطبوعات، وقانون وزارة الاعلام، والرقابة على المصنفات والافلام السينمائية، بالاضافة الى قانون نقابة الصحفيين ذاتها.
وبمعزل عن هذه المواد المقوضة لحرية العمل الصحفي والاعلامي في بلد يراد له ان يكون ديمقراطيا، فان "قانون حقوق الصحفيين" احتوى على فقرات تضمن لقتلى وجرحى ومتقاعدي السلطة الرابعة حقوقا متواضعة لكنها مطلوبة من قبل الالاف سواء ممن انضوى تحت نقابة السيد اللامي او غيرهم.
ومن المؤسف فان انتقادات المعارضين لقانون حماية الصحفيين انصبت على المواد التي تنتهك حرية العمل الصحفي واغفلت الفقرات التي تعطي ضمانات وحقوقا لمن يعيشون في اوضاع مزرية، وهذا ما استغله بعض "صحفيي النقابة" ابشع استغلال عبر تأليب الاصوات المحايدة، وحتى خرق الصفوف المنتقدة، من خلال الحديث عن توجه لاحتكار الصحافة من قبل مجموعة بعينها لا تريد للمسحوقين والمتحدرين من اصول معينة الدخول لبلاط صاحبة الجلالة.
اخطأنا عندما تناسينا الضمانات، على تواضعها، وركزنا انتقاداتنا على تقييد الحريات التي تنطوي عليها فقرات القانون، فخسرنا المعركة على صعيد الضمانات والحريات، في وقت بدا معسكر "النقابيون" اكثر اندفاعا لكسب التأييد بين الاسرة الصحفية، اعتماداً على تسهيلات رئيس الحكومة، باقامة الحفلات الباذخة وتوزيع الاجهزة الالكترونية وغيرها من الامتيازات التي لا يرفضها احد بطبيعة الحال.
بعض الزملاء ممن يرومون رفع دعاوى جديدة للطعن بدستورية "قانون حماية الصحفيين"، عليهم الاخذ بنظر الاعتبار حقيقة "تشريعية" يعرفها الجميع وهي ان تعديل القانون اسهل من إلغائه خصوصا في بلد مثل العراق الذي يعد من البلدان ذات الدستور الصلب، والذي يتعذر معه الغاء قوانين تمرر عادة بصفقات سياسية، وفي ظل سلطة قضائية يدور الكثير من الجدل حول استقلاليتها وخضوعها للتأثير السياسي.
نحتاج، والحال هذه، الى العمل بشكل مكثف مع لجان البرلمان المعنية لاعادة القانون الى طاولة المشرعين من خلال تعديل وتوضيح المواد والفقرات التي نعتقد انها تهدد وبشكل سافر وصريح حرية السلطة الرابعة، نحتاج ايضا الى حملة علاقات عامة في الوسط الصحفي لطمأنة الزملاء على ابقاء "الضمانات والحقوق" ضمن القانون الجديد، بل العمل على تكريسها بشكل افضل بعيدا عن التسييس الذي تقوم به نقابة الصحفيين خصوصا في مواسم الانتخابات، التي باتت مناسبة يستغلها النقيب لتوزيع قلائد الذهب على من هب ودب، ورصد ملايين الدولارات لاقامة حفل هزيل، لا يليق بمكانة الصحافة العراقية، لمجرد ارضاء غرور البعض.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: جائزة الجوائز

العمود الثامن: لماذا خسرت القوى المدنية ؟

عندما يجفُّ دجلة!

الأقليات وإعادة بناء الشرعية السياسية في العراق: من المحاصصة إلى العدالة التعددية

قناطر: من الخاسر الحقيقي في الانتخابات ؟

العمود الثامن: مع الاعتذار لعشاق الانتخابات !!

 علي حسين أثار المقال الذي نشرته أمس في هذا المكان بعنوان " لمذا خسرت القوى المدنية " انزعاج البعض ، وشتائم البعض الآخر وسخرية مَّن يعتقد أننا نعيش أزهى عصور الديمقراطية ، وأن...
علي حسين

باليت المدى: الأخوات العشر

 ستار كاووش ثلاث ساعات بالقطار كانت كافية للوصول من شمال هولندا الى مدينة كولن الألمانية. هي ثلاث ساعات فقط، لكنها كانت كفيلة أيضاً بنقلي من عالم الى آخر. ترجلتُ عند محطة كولن وسحبتُ...
ستار كاووش

حوار نووي ساخن: هل تهدد موسكو وواشنطن بعضهما الآخر بالأسلحة الفتاكة؟

د. فالح الحمـــــراني منذ أن أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 29 تشرين الأول بيانًا يأمر فيه البنتاغون ببدء تجارب الأسلحة النووية "على قدم المساواة". وموضوعة الأسلحة النووية باتت الشغل الشاغل ليس لوسائل الإعلام...
د. فالح الحمراني

الفوز اللافت لزهران ممداني: "مقاربة عراقية"

د. أحمد عبد الرزاق شكارة الفوز اللافت لزهران ممداني في انتخابات عمدة نيويورك يجعلنا نفكر في الدلالات والتداعيات لمثل هذا الزلزال ليس فقط على الصعيد الأمريكي وإنما في العراق ذاته في مقاربة (مع الفارق...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram