علي حسين
منذ حادثة اختفاء الناشط المدني حمد الموسوي عن الأنظار، اكتشفتُ أنّ ولعي بمتابعة أخبار السياسيين قد تغيّر. انخفضت قراءتي لتحركات "جهابذة البرلمان" ولم تعد تهمني عبارتهم "اللحمة الوطنية" وقلّت متابعتي لتصريحات الغائب الحاضر صالح المطلك، واستبدلتُ بأخبار حنان الفتلاوي كتبًا كنتُ أضعها على قائمة الانتظار .
ولهذا سأصدع رؤوسكم بالحديث عن الكتب، فللمرة الثالثة أعيد قراءة سيرة الفيلسوف برتراند رسل، التي يخبرنا فيها أنه كان يعاني من مرض لاعلاج له، وهذا المرض هو النهوض صباحًا للذهاب إلى المكتبات، ويروي أحد أصدقائه أنه "شاهده في يوم شتائي بارد وفي السابعة صباحًا يقف أمام إحدى المكتبات يتأمل الكتب من خارج الزجاج وقد بدا متشوقًا لموعد فتح المكتبة مثل حيوان، في قفص ينتظر بتلهف موعد إسقاط الطعام في قفصه" .
المهم أنني كنت أيضا مثل حيوان متلهف لحل لغز مسؤولينا الأكارم الذين يصابون بحالة الغم والهم كلما طاب منهم احد ان يعملوا لصالح الوطن ، فهم يصرون ان
على العراقيين أن لا يفكروا بإصلاح النظام السياسي الخرب في العراق، ويقولون لك إن المشكلة ليست مع نهب أكثر من تريليون دولار وقتل الآلاف وتشريد الملايين، ولا مع الأحزاب التي تحولت إلى حيتان تبتلع كل ثروات البلاد، لكنها، أي المشكلة، مع قبول العراقيين ازاحة عادل عبد المهدي من كرسي رئاسة الوزراء، إنها المؤامرة، هكذا أخبرنا ذات يوم السيد علي الكوراني مؤكدًا في كل ظهور على الشاشة أن حكومة مصطفى الكاظمي ، حكومة أمريكية، واضاف اليه في فديو جديد رئيس الجمهورية برهم صالح الذي وصفه باوصاف لاتليق ان يتفوه بها رجل دين والسيد الكوراني نفسه كان قد هاجم المتظاهرين بحجة أنهم يريدون تقويض النظام وأن أهدافهم إمبريالية.. وهو يعتقد حتى هذه اللحظة أن هذا الشعب لا يجوز له الاعتراض، وعليه أن يشكر الله على نعمة الأحزاب "المؤمنة" التي تحكمه. . وبالامس خرج علينا السيدالكوراني ليطالب بطرد عبد الوهاب الساعدي من جهاز مكافحة الارهاب ، لانه القى القبض على جماعة تطلق الصواريخ وسط بغداد
السيد الكوراني، وهو رجل دين له مكانته في لبنان، يعرف جيدًا أن لا أحد يمكن ان يعترض على كلامه، وأن يقول له إن هذا تدخلًا في شؤون بلاد أخرى.
أرجو من جنابك عزيزي القارئ أن تلاحظ أنّ البعض لا يرى أيّ غضاضة في أن يعلن الولاء الكامل لدول الجوار ولما بعد دول الجوار أيضًا، ولا أتذكّر منذ سبعة عشر عامًا أنّ مسؤولًا عراقيًا اعترض على ما يقوله ساسة دول الجوار عن العراق، ليست المسألة متوقفة على السيد علي الكوراني فقط، بل تشمل العديد من ساسة دول الجوار والذين يعتقدون أنهم أصحاب هذه البلاد .