علي حسين
يريد تحالف "عراقيون" أن يبدأ مرحلة جديدة لـ"قيادة البلاد وحفظ مصالح العباد". وهذا كلامٌ من حقه دون جدال، لكن على التحالف الجديد أن يشرح للعالم، من كان يقود البلاد خلال السبعة عشر سنة الماضية، وبأي طريقة كانت تراعى مصالح العباد؟ .
في أيام فائقة الخطورة يتذكر البعض أنهم "منقذو البلاد " بينما المواطن يتذكر بحسرة ما فقده: الأمن والتسامح وكيف ضاع استقرار العراق بين خطب ملوك الطوائف الذين لا يتذكرون الشعب إلا أيام الانتخابات، بعد سبعة عشرعامًا من التغيير يظل حلم ساستنا إنشاء برلمان "متوازن"، والإعلان عن تسوية تاريخية بين الكتل السياسية، يتم بموجبها توزيع الكعكة العراقية بالتراضي .
بدءًا من انتخابات 2005 وانتهاءً بانتخابات 2014 التي جرى تخطيطها وتصميمها طائفيًا، اكتشف الناس ولو متأخرين أن سياسيّي الطوائف لم يقدموا خلال هذه السنوات الماضية سوى أداء كاريكاتيريًا مضحكًا، وأن مرشحيهم كانوا يُخبّئون دول الجوار تحت ثيابهم، وظلوا حتى هذه اللحظة شركاء في تدمير الوطنية العراقية.
لم يعد للدولة وجود في العراق، فهي ممزقة بين كتل سياسية تقود معركة كسر العظم، وجماعات مسلحة تريد ان تفرض حضورها حتى ولو بالصواريخ .
على قادة الائتلاف ألّا يواصلوا لعبة الاستمتاع بمصطلحات الجعفري وإعادة تزويقها وتسويقها للناس، فمهمّتهم اليوم هي أن يقرأوا الأحداث كما هي مرسومة بعيون جميع العراقيين سنّةً وشيعة، عربًا وكردًا، مسلمين ومسيحيين، صابئة وإيزيديين، على الائتلاف أن يدرك أن مسؤوليته الحقيقية هي أن يكون ائتلافًا لكل العراقيين وليس ناطقًا باسم الزعيمة حنان الفتلاوي ، والشجاعة تقتضي مواجهة الجميع بالحقائق لا التخفّي تحت أغطية عاطفيّة أو ملابس طائفية سرعان ما نكتشف أنها منتهية الصلاحية.
يقول المؤرخ الماركسي أريك هوبزباوم، إنه لا يمكن فهم خراب الأُمم، من غير أن نفهم أوهام قادتها، يقصد طبعًا أوهام الزعامة والتفرّد والتسلّط، اليوم العراقيون لا يحلمون بأكثر من بديهيات العيش الآمن الكريم، حُرموا أولًا وأخيرًا من حقّ بناء دولة مؤسسات. فماذا تنفع التسوية التاريخية، إذا كنا لا نحظى برجال يستحقّون أن يدخلوا التاريخ مرفوعي الهامات؟
يعيش ساستنا ضمن ما يسمّيه علم النفس "فنّ اقتناص الفرص"، ما هي الفرصة؟ هي أن تربح دائمًا وأبدًا وأن تَستغل موقعك السياسي والوظيفي دائمًا، وألّا ترحم أحدًا.
المواطن هو الأمن والمستقبل في الدول الديمقراطية.. حيث لا يتعلم الشعب الديمقراطية ولا الوطنية من تجمعات طائفية، وخطب وأناشيد عن نصرة "المذهب" وهتافات "أخذنا وياك للموت."
إذا لم يدرك قادة ائتلاف عراقيون في هذه اللحظة أن مصلحة البلاد ليست في التقاط صورة يظهر فيها نجم مزاد العملة حمد الموسوي ، أو في تمكين أشخاص معيّنين من التحكّم بشؤون العباد، فإن "عراقيون" سينتهي إلى باب مسدود.