اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > فؤاد التكرلي: خزين السرد وتحولاته

فؤاد التكرلي: خزين السرد وتحولاته

نشر في: 12 مايو, 2010: 04:25 م

د.حاتم الصكرلفؤاد التكرلي في ذاكرة السرد العراقي وحاضره مكان بارز كوّنته تجاربه في الأسلوب كما في الموضوعات التي تميز بها بين كتّاب جيله واستطاع تأسيس ذائقة مختلفة ، لا تبتعد كثيرا عن الواقعية بمعنى التغريب العبثي المقصود كموضة،
ولا تستغرقها التصورات الساذجة عن ضرورة مطابقة السرد للخارج والسعي للتماثل معه تحت دعوات اجـتماعية وأحيانا شعارات سياسية المنشأ أو إيديولوجية الحاضنة ، نأى التكرلي بنفسه كاتباً وبقصصه ورواياته كأبنية فنية وشخصياته وموضوعاته عن تلك النزعة التي أفرزت نصوصا كثيرة و راكمت نوعا سرديا يجتر المقولات الاجتماعية والنماذج والوقائع دون تمثيلها فنيا ، وترافق ذلك مع الهبة الواقعية وحمى مباراة المرجع الخارجي لإعادة تقديمه سردياً في المسرح والرسم والشعر ، تحت وهم خدمة المجتمع أو الواقع أو الحياة أو المساواة وقضايا التحرر، وكأن ذلك كله لا يتم إلا بالتسطيح والتبسيط والنصوص العادية التي لا تربي القارئ أو تزيد خبرته بالنوع السردي وتضيف إلى أعراف النوع نفسه وتقاليده الفنية.عدا اللغة التي أصر التكرلي على أن تكون في الحوار عامية و بغدادية تحديدا ،فإن قصصه ورواياته تقوم على فهم السرد بكونه إعادة تمثيل للحياة لا سباقا لإظهار المهارة في أسرِها داخل النص وتقديم مفردات الواقع ووقائعه كما تكون في الخارج.وأذكر أن التكرلي في لقاء قمت بإدارته في اتحاد الأدباء ببغداد نهاية الثمانينيات دافع كثيرا عن لغة الحوار بالعامية تحقيقا للتطابق بين أبعاد الشخصية ولغتها ، في الحوار فقط دون الوصف أو السرد الحدثي طبعا، ما يخلق- في ظني - فجوة أو خلخلة إيقاعية يسبّبها الانتقال من الفصحى بشاعريتها ومجازاتها ووقعها، إلى العامية بجرسها العادي ودلالالتها الشعبوية واطئة الفضاء المجازي والمتعارضة مع الخط السردي الذي تؤسسه اللغة وتتفنن في تثبيته ورسم وقعه الجمالي. كما أن السياق الأدبي وكون السرد عالَما ورقيا متخيلا يجعل من الممكن تخيل شخصية عادية تتحدث بلغة رسمية لا عامية ولكن بمفردات ورؤى وأفكار تناسب أبعاد الشخصية السردية داخل العمل ووصفها –المهنة-التعليم- الانحدار الاجتماعي- الثقافة...- .وربما كان ذلك ما دعا التكرلي في الندوة نفسها إلى الدعوة للغة وسطى أو ثالثة تناسب رؤيته للغة السرد في الجانب الحواري .ولكن التحول سيحصل في رؤية التكرلي لغة الحوار بعد سنوات فيعيد نشر روايته ( الرجع البعيد) بتفصيح الحوار الذي كان في الطبعة الأولى مغرقاً في عاميته وكأنه بذلك يفارق آخر آثار الواقعية كما فهمها كتّاب جيله.بدلا عن ذلك ستحتفظ ذاكرة السرد بعمل التكرلي المهم والمؤثر( الرجع البعيد) الذي حقق ما يطمح كل عمل لتحقيقه من أثر: الاعتراف النقدي بفرادته وبنائه المتميز واحتدام أحداثه واستثنائية شخصياته وجرأته، والإقبال من القراء على تداوله كعمل فذ يؤشر لمرحلة فنية متقدمة كما يؤرخ فنيا لحقبة حرجة وحساسة من تاريخ المجتمع العراقي الحديث، وما يتحرك في أعماق الشخصيات من إحباطات وإرهاصات وإشكالات، واكتظاظها بالمشاعر المتناقضة التي رأى البعض في جرأتها امتيازا للتكرلي، سرعان ما سيغدو ميزة وعلامة فارقة في متونه السردية.النفس في مفهوم التكرلي ورؤيته مخزون ثري تقوم الرواية والقصة والمسرحية -التي كتبها التكرلي أحيانا وبمسميات حوارية وأصوات متقابلة – بتنظيمه سرديا وتتكفل بإظهاره ، ولكن ليس بعيدا عن تلك النوازع والمحرّكات التي لا يفقهها العقل السائد المحتكم لثوابت صنعها المجتمع باعتباره هيئة عامة يتكون من خلالها و باسمها كمٌّ من الأعراف والتقاليد والعناصر الثقافية التي تحــــــــــاول الدفاع عن نفسها وحماية وجودها ككتلة لا قيمة لإضافات الفرد فيها أو تعديلاته، فدوره هو الذبّ عن تلك الأعراف المستقرة التي اخطر ما فيها تحولها إلى ما يشبه المقدسات التي لا تمس.تثور شخصيات التكرلي على ذلك التقليد وتستجيب للخزين النفسي الممنوع والمقموع ، وهذا ما فُسّر بوصفه جرأة وتمرداً.في عمل حديث له يؤكد التكرلي قناعته بضرورة اشتغال السرد على تلك المناطق المخزونة واللامرئية القابعة في الأعماق والتي تَظهر أحلاما وأمنياتٍ وتسبب انقطاعات وعزلات لدى الشخصيات ، العمل هو( خزين اللامرئيات-2004) يضم خمس قصص تعكس تلك القناعة ، فإضافة إلى العنوان المشتمل على الخزين اللامرئي والقصة الأولى التي أخذ الكتاب اسمها عنوانا ،هناك قصتان يتضمن عنوانهما ( الصمت) وهما:(امرأة الصمت) و(وانغمرت بصمتي) . وهكذا تتركز ثيمة الصمت واللامرئيات في العمل الذي أعده منعطفا مهما في تجربة التكرلي القصصية حيث يركز الكثير من خصائص شخصياته –الطبائع الخاصة والجوانية المحتدمة والأفعال التي يلوّنها المكان والزمان بتلاوين نفسية معقدة هي التي تميز شخصيات التكرلي، وبها يتم إنجاز البرنامج السردي للأعمال . وهي سمة موجودة حتى في كتابات التكرلي المبكرة وفي تصوره ورؤيته للسرد. وبهذا فسّرت حديثه عن مكانة نجيب محفوظ السردية في مناسبتين قريبتين –لقاء تلفزيوني خاص مع التكرلي ومساهمته في استفتاء صحفي حول ذكرى رحيل محفوظ – فصرح بأنه وعبد الملك

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram