TOP

جريدة المدى > غير مصنف > التكرلي وسوء الفهم النقدي

التكرلي وسوء الفهم النقدي

نشر في: 12 مايو, 2010: 04:30 م

فاضل ثامريخيل لي هنا ان عالم فؤاد التكرلي يتعرض اغلب الاحيان من القراء بشكل عام ومن النقاد والباحثين الي حد ما الي سوء فهم وخاصة في مجموعته القصصية (الوجه الاخر) . ويعود سبب سوء الفهم هذا كما ارى الي دراسة عالم التكرلي القصصي
في ضوء الخلفية الفكرية والاجتماعية للقصة الخمسينية الملتزمة ذات المنحى الواقعي الاجتماعي التي تمثلها افضل تمثيل تجارب عبد الملك نوري وغائب طعمة فرمان ومهدي عيسي الصقر ومحمود الظاهر وغيرهم. وفي تقديري ان فؤاد التكرلي لايمكن ان يفهم على ضوء التجربة الخمسينية الواقعية بل يجب ان ينظر اليه كممثل لتلك الحساسية الادبية والفنية والفكرية التي تضم نتاجات ادبية واسعة تشمل تجارب الكتاب الطليعيين والعدميين والوجوديين في الادب العالمي المعاصر. وهو بهذا اول قاص عراقي يطرح نموذجا قصصيا اشكاليا في مقابل النموذج القصي الملتزم وهو نموذج سيجد انتشاره الاوسع في القصة الستينية التجريبية وبشكل خاص في تجارب محمد خضير وجليل القيسي وموسى كريدي واحمد خلف وجمعة اللامي وعبد الرحمن الربيعي وسركون بولص وعبد الستار ناصر. وهذا يفسر لنا سر اعجاب التكرلي بالنماذج الانسانية التي تعاني شرخا اخلاقيا كما يفسر سبب الحاجة الى نبش الاعماق المظلمة للشخصية الانسانية والتركيز على مشاهد القسوة والعنف واللاانسانية كما فعل في اقاصيص: (القنديل المنطفيء) و(موعد مع النار) و (الطريق الى المدينة) و (سيمبائي) وغيرها ، وهو في هذا يشبه العوالم التي خلقها بعض ممثلي (الواقعية الموضوعية) في الادب الامريكي امثال ارنست همنغواي ودوس باسوس وشتاينبك وكالدويل الذين كانوا يسجلون بموضوعية باردة مشاهد العنف والقسوة التي يحفل بها المجتمع الامريكي ويسلطون الضوء على بعض الشخصيات (من الكائنات البدائية التي تتمتع بشعور منعكس محدود جدا) كالتقاط شخصية (الابله القردي) او نماذج من (الفلاحين البؤساء المنحطين) و (العمال الموسميين) وهي كائنات توصف بانها  تستعصي على التحليل. وقد اسهم هذا الاسلوب (باعطاء الاحساس العنيف بحياة الجماعات البشرية المتخلفة: عياري الولايات المتحدة الامريكية والفلاحين المتخلفين في اسبانيا وايطاليا والخلاسيين والهنود في دول امريكا اللاتينية. وقد كان همنغواي مثلا يركز في الكثير من قصصه على عوالم العنف والجريمة وينقلها بحيادية مطلقة جعلت بعض النقاد يتهمونه بانه (رسول العنف) وداعية من دعاة البدائية) ولايسعني هنا الا ان اشير الى مساهمة الدكتور علي جواد الطاهر القيمة في الكشف عن طبيعة تجربة فؤاد التكرلي القصصية فقد سبق له ان توقف امام تجربته في كتابه (في القصص العراقي المعاصر) الى غرابة بعض عوالم شخصيات التكرلي. الا ان الطاهر كان يشفق على القاص لانه يكاد يهدر طاقته وفنه في مثل هذه الموضوعات التي تبدو له غريبة وغير واقعية ولاتمتلك تبريرا في واقعنا، وقد حاول الطاهر ان يبحث للقاص عن بعض التبريرات لمثل هذه المعالجات وهو يشير الى انه لم يستطع ان يضع تجربة التكرلي ضمن سياقها الطبيعي وان كان قد اشار اشارة سريعة الى مسالة مهمة ولكنه وللاسف لم يتوقف طويلا عندما تحدث عن (جنسية) التكرلي وكونها (أقرب الى جنسية المدرسة الطبيعية التي تلقفتها عنها بشكل من الاشكال الوجودية) وهو مقترب سليم لفهم عالم فؤاد التكرلي القصصي لكنه ظل دونما تطوير وربما تشكل مساهمة الدكتور عبد الاله احمد مواصلة ناضجة وطيبة في دراسة وتحليل عوالم التكرلي القصصية. فلقد بذل الباحث جهدا كبيرا في الاستقصاء والتحليل والتفسير من اجل كشف الرموز الاساسية التي تتحكم في رؤياالقاص وبرغم ان الباحث قد مس مساً طيبا الطبيعة (اللا اخلاقية) لبطل (الوجه الاخر) الا انه هو الاخر لم يستطع ان يضع تجربة التكرلي في سياقها الطبيعي. فهو مثلا يتساءل بدهشة واستغراب عن سر اهتمام فؤاد التكرلي وتعاطفه مع تصوير العلاقات الجنسية غير الشرعية فهو تارة يحاول ان يبحث عن دافع نفسي يفسر سر ذلك في تجاربه الحياتية المبكرة او من عمله في المحاكم العراقية وهو بشكل عام يعد ذلك لغزا يصعب التوصل الى كنهه اذ يقول صراحة: (ومعرفة الاسباب التي جعلت التكرلي يهتم بهذه العلاقات الجنسية منذ مدة مبكرة من حياته وانتهت به الى موقف يتعاطف معها ويبررها ليس امرا سهلا فنحن نفتقد المعلومات تماما عن حياته الخاصة التي يحرص القاص على ان يكشفها). ويخيل لي ان الناقد ياسين النصير في كتابه (القاص والواقع) كان اكثر تفهما لعالم بطل (الوجه الاخر) وازمته الداخلية، فهو يرى ان شخصية البطل تستمد خصوصيتها من كونها تمثل شخصية البورجوازي الصغير المثقف المنسحق الذي وجد في الفكر الوجودي ومايفكر به ابطال سارترودستويفسكي ارضية فكرية وسلوكية خلقت لديه القدرة في التحطيم والرفض والتمرد اكثر من البقاء معايشا لتلك الظروف)وهو يرى في البطل صورة تجمع القهر الفردي الى جانب القهر الاجتماعي: فهو راسكولينكوف يهوي علي الراس الفارغ بالعصا، الا ان الناقد يحاول من الجانب الاخر ان يبحث عن تبريرات اجتماعية وسياسية لسلوك البطل اللا اخلاقي، ويدافع عما اسماه الصورة النقية لوجهه الاخر، كما يري ان البطل محمد ج

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

اعتقال صاحب منزل اعتدى على موظف تعداد سكاني في الديوانية

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram