ما كان ينقصنا إلا فضيحة جديدة من هذا النوع لكي تتزعزع تماماً من الجذور ثقتنا بحكومتنا وبرلماننا ودولتنا برمتها ونظامنا السياسي الذي تطلعنا إلى أن يكون البديل الذي طال انتظاره لنظام صدام حسين فإذا به بالدرجة نفسها من السوء وربما أكثر.
صفقة السلاح مع روسيا فاسدة باعتراف مستشارين لرئيس الوزراء ونواب من كتلته وكتل أخرى، والفاسدون مسؤولون حكوميون وحزبيون كبار. وهو فساد في غاية الخطورة انه لا يطاول مال الشعب وحده وإنما أمنه أيضاً على غرار فساد الأجهزة الكاشفة عن المتفجرات التي تبيّن انها يمكن أن تكشف عن أي شيء إلا المتفجرات، ما مكّن الجماعات الإرهابية من التحرك بيسر داخل مدننا وبينها وقتل عشرات الآلاف من المواطنين.
كيف لنا أن نطمئن بعد الآن على أمننا العام والشخصي وعلى مستقبلنا ومصير بلدنا مادام كبار المسؤولين في دولتنا لا يتورعون عن التلاعب حتى بصفقات الأسلحة والذخائر والمعدات المراد منها وبها توفير الأمن للوطن والمواطن ويسرقون من تخصيصاتها بعدما نهبوا تخصيصات الحصة التموينية والكهرباء والإسكان والإعمار والصحة والتعليم والصناعة والزراعة والخدمات؟
للتو كانت قد تفجرت فضيحة كبيرة ولم يهدأ بعد ضجيجها أو يخبو دويها، وهي فضيحة اتخاذ القرار في مجلس الوزراء بإلغاء الحصة التموينية، فمن التصريحات والتصريحات المقابلة التي أرادت أطراف الحكومة المختلفة أن تلقي بالمسؤولية على بعضها البعض، تبيّن أن القرار لم يكن مدرجاً في جدول أعمال المجلس في اجتماع الأسبوع الماضي ثم في لحظة ما (ربما هي الدقائق الأخيرة من الاجتماع) قرر أحدهم أن يطرح الموضوع على الاجتماع ليجري التصويت عليه بالإجماع من دون نقاش مستفيض ومن دون دراسة مسبقة من الخبراء والمستشارين، والنتيجة عاصفة شديدة من التنديد والاستنكار والمعارضة والمناهضة والتحفظ من الأوساط النخبوية والشعبية على السواء ما اضطر الحكومة إلى التراجع.
هكذا اذن، بهذه الخفة والاستهانة بمقدرات الناس، تتخذ حكومتنا القرارات حتى في أخطر القضايا!
قبل قرار الحصة التموينية كان ثمة تصرف مماثل من الحكومة والبرلمان يتعلق بواحدة من أهم مؤسسات الدولة، وهي البنك المركزي، فكما أوضحت اللجنة القانونية في مجلس النواب فان اللجنة التي شكلتها رئاسة البرلمان للتحقيق في القضية لم تكن تتمتع بالشرعية لأن تشكيلها جاء مخالفاً لأحكام النظام الداخلي للمجلس، ما يعني أن قرار التشكيل وما تبعه من إجراءات في حق محافظ البنك والعديد من موظفيه كانت كيفية، وليس من المستبعد أنها كيدية أيضاً.
بألسنة طويلة للغاية يملأ الوزراء والنواب وقادة الكتل والائتلافات المكونة للبرلمان والحكومة الأثير ضجيجاً بالشعارات الوطنية والشعبوية، لكن يتبدى لنا الآن بعد سلسلة الفضائح المتصلة المتواصلة إن هؤلاء جميعا يتعاملون مع قضايا الوطن والشعب بمنتهى الخفة والاستهانة.
فكيف سنطمئن بعد الآن إلى أمننا وحياتنا ومصيرنا ومستقبلنا مع طبقة سياسية من هذا النوع والطراز؟
كيف نطمئن بعد الآن؟
[post-views]
نشر في: 11 نوفمبر, 2012: 08:00 م
جميع التعليقات 4
hamza
I have one question : what s more important human lives or money ? the answer is human lives . my comment is why does maliki continue to be in power and not resign despite his fatal mistakes in these equipments that caused the death of iraqis, he is in ch
Ankido
فلم الغاء البطاقة التموينية = فلم أبو طبر والغاية هي الهاء الناس وصرف انتباههم عن فضيحة الفساد في صفقة السلاح الروسي التي اطاحت بوزير الدفاع ورئيس الاركان الروسيين. حزب البعث الفاشي وحزب الدعوة ودولة الفرهود واللالة هما وجهان لعملة واحدة هي الفساد فعند ال
ابو ايناس
عزيزي الاستاذ عدنان حسين لن تكن الفضيحه الاولى ولاخيره حيث في كل يوم وفي كل ساعه توجد فضيحه لماذا اذن حصنى على المركز الثالث او ارابع بلفساد حيث ظهور مائة المريارديه في فتره قياسيه بعد ان كانو من الطبقه الوسطى والفقيره في هذه الدوله هذا يعني ان ينهض الشعب
حميد
سيدي الكريم عدنان حسين تقول ما نصه: .... ونظامنا السياسي الذي تطلعنا إلى أن يكون البديل الذي طال انتظاره لنظام صدام حسين فإذا به بالدرجة نفسها من السوء وربما أكثر . وهذا راي نحترمه رغم انا لا ناخذ بها . وفي الفقرة ما قبل الاخيرة يطالعنا هذا النص .... و