TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: دولتان.. هل تسقط واحدة ؟

قناطر: دولتان.. هل تسقط واحدة ؟

نشر في: 7 يوليو, 2020: 07:31 م

 طالب عبد العزيز

ليس هناك أرض أكثر استباحة للدم من الأرض في العراق، ولم تعرف البشرية استرخاصاً للانسان مثل الذي تقوم به الجماعات الإسلامية المسلحة، وليس هناك رعب توغل عميقأ أكثر من الذي يعيشه الفرد العراقي كل يوم،

هناك وحشية في كل شيء، وموتٌ، خرافيٌّ لا يمكن إسقاطه على أي قانون سماوي أو وضعي، وتبدو المقارنات بينه وما قرأناه في التاريخ لا قيمة لها، حتى، نحن، الذين عشنا بطش النظام السابق، اخفقنا في إيجاد معادل الرعب والموت بين هذين الوحشين، ترى ما الذي يحدث؟ في ظل حكومة ما زالت عاجزة.

كانت المشاهد الفيديوية الخاصة بمقتل الخبير هشام الهاشمي والتي شاهدناها مرعبةً بحق، تستفز الضمير الانساني فينا، تستغور الجسد الذي يحملنا فتنخره وتميته- لا اريد أن أتحدث عن أهمية الرجل كخبير أمني وعالم في بحثه ورؤيته الثاقبة- لكنْ ما يهمني هنا، هو صورة القاتل، حامل البندقية، الذي وقف أمامه وأطلق النار، هناك، قوة مطلقة تدفع به، ترى أيّ قوة؟ فهو لم يلتق الرجل، وليس بينه وبين هشام شيء من عداء وخصومة، أتراه كان موقناً بأن ما يقوم به هو قصاص رباني أو تكليف شرعي، يمنحه حرية القتل كاملة، هو يعلم بأن الكاميرات سترصده وتدون ما يقوم به، وربما ستتخلى الجهة التي دفعت به عنه إن وقع بأيدي القضاء.

أسئلة مثل هذه تقودنا الى أنَّ القاتل لا يقدم على فعل القتل بمفرده، وأن الجهة التي تدفع به تعلم علم اليقين أنها تستند على دعامات صلبة، لا تخترقها الدولة القائمة، وهي قادرة على النفاذ الى المكان الذي تريده، بل ولديها من الأسلحة ما تقدر به على المواجهة مع أي سلطة، فهي لا تخشى قوة الدولة، لأنها تمتلك القناعة التامة بمهامها، وجملة ما تدافع عنه يتجاوز التكليف الشرعي والأمر الإلهي وعواقب القتل والمواجهة الى المحافظة على ما تملك، ووجوب ديمومته، بل ومقارعة من يريد الوقوف أمامه، هناك دولة قوية أخرى، تملك كل آليات الدولة الضعيفة، حتى أنَّ وقود سيارات الدفع الرباعي، التي قتلت الهاشمي ستدفع فاتورتها الدولة الضعيفة.

كل رهان المتظاهرين سيسقط أمام الكاظمي، وسيوصم بما وصم به خلفه عبد المهدي، إن لم يبحث في شأن قتلة الهاشمي، ويخلص الى نتيجة مقنعة، فإما يكون الهاشمي آخر قتيل على أيدي الجماعات الخارجة على القانون أو يكون آخر حجارة سقطت من صرح أحلام العراقيين بالتغيير. شوط أخير من مباراة استنفدت وقتها الضائع، فقد أسقط دم الهاشمي جملة الحجج التي قبعت خلفها، هو امتحان صعب بكل تاكيد، فالأشهر الثلاثة التي مضت على دولته لا يمكن مقارنتها بالسنوات الطويلة، التي مضت على تأسيس الدولة الكبرى، وربما يخسر مقعده في منازلة بسيطة، لكنهم سيخسرون مملكتهم في منازلة لا أكبر منها شيء.

بين عيني القاتل، صاحب البندقية الواحدة، يكمن مصير دولة قوية كبرى، لكن، هناك من يعول على الكاظمي قائلاً :" ترى هل ترسم الإطلاقات التي هشمت جسد الهاشمي نهاية الدولة هذه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram