علي حسين
لم تنم أمريكا بولاياتها الخمسين حين وقعت جريمة قتل جورج فلويد على يد أحد أفراد الشرطة، ولم تهدأ التظاهرات حتى هذه اللحظة، وفي مشهد إنساني مثير، جثا عشرات الآلاف من المتظاهرين على ركبهم لمدة 8 دقائق، وهي المدة التي أمضاها فلويد تحت ركبة الضابط مستغيثًا: "لا استطيع التنفس!".
وفي هذه البلاد التي يتغنى ساستها ليل نهار بالديمقراطية، مضت تسع سنوات على فاجعة مقتل هادي المهدي، حاولت فيها حكومة المالكي آنذاك التخلص من الجريمة بإشعال النار في سمعة الضحية وتشويه صورته.
تسع سنوات كاملة تفصل تراجيديا استشهاد هادي المهدي عن مأساة استشهاد هشام الهاشمي على أيدي نفس العصابات.. تغيرت أشياء كثيرة، راح المالكي وجاء العبادي، وجلس على الكرسي عادل عبد المهدي ولم يخرج منه إلا بمقتل أكثر من 700 متظاهر، وبقيت عصابات كاتم الصوت كما هي تطارد كل من يختلف معها، لم تتغير أساليبها في ملاحقة الضحايا، وبقيت الحكومة تقيد الجريمة ضد مجهول، لا ضد الجناة الذين يتباهون بجرائمهم.
لذلك يبدو غريبًا أن تراق دماء نحو 700 متظاهر دون أن تهتز مشاعر الدولة ومعها ملايين العراقيين، على الرغم من بشاعة القتلة، وكأن الدم صار له أكثر من معيار.. إن الصمت على الأرواح التى أزهقت فى ساحات الاحتجاج، وعدم تقديم الجناة إلى العدالة، ومكافأة عادل عبد المهدي بمنحه تقاعدًا مليونيًا، هو الذي شجع عصابات كاتم الصوت على أن تمارس سلطتها على العراقيين.
ولعل أول فعل أخلاقي نطلبه اليوم من حكومة السيد مصطفى الكاظمي أن تُخبر العراقيين جميعًا بأسماء الذين قتلوا واحدًا من أروع وأصدق أبناء هذا البلد، هشام الهاشمي، لنرد الاعتبار إلى العراقيين جميعًا وإلى عائلته الصغيرة، وإلى ذكرى صديق أصر على الكلام في أزمنة الصمت. لقد شكلت جريمة قتل الهاشمي، نقطة سوداء في جبين العراق الذي توهم أبناؤه أن المستقبل سيفتح لهم أبواب الحرية والديمقراطية، فإذا بساسة اليوم يفتحون أبواب القتل المجاني . على مدى 17 عامًا كلما طالب صوت بالإصلاح السياسي سارعوا باستدعاء كواتم الصوت.المطلوب اليوم أن نقف جميعًا أمام أصحاب الملفات المخبأة كي لا تغيّب الجرائم في الأدراج المظلمة، وكي لا يتحول أمن المواطنين إلى مجرد خطب وضجيج تتوارى خلفها ملفات تتعلق بأمن الناس ، لا يمكن لأحد أن يظل صامتًا مشاركًا في سيرك الشعوذة السياسية الذي يريد له البعض أن يبقى منصوبًا إلى الأبد، فالأجدى والأهم للعراقيين اليوم أن نسعى جميعًا لكشف كل المجرمين ومن يدعمهم وألا يظل القاتل منتشيًا بجريمته متفاخرًا بها، وأن يكون صوتنا عاليًا وجريئًا يخرس جميع القتلة وسراق أفراح وأحلام العراقيين.
جميع التعليقات 1
Khalid Muften
وللحرية الحمراء باب ...بكل يدا مضرجة يدق . رحم الله هشام الهاشمي .