عمــار ســاطع
كيف سيكون الواقع الرياضي بشكل عام بعد أن تنّجلي جائحة كورونا وتذهب بلا عودة؟
سؤال يتبادر الى أذهان الكثيرين من الذين يشكّلون اضلاع المربّع الذي يشترك فيه المساهمون للارتقاء بالدوائر الرياضية من لجنة أولمبية واتحادات رياضية بمختلف ألعابها، وأندية تصنع الأبطال وتضمّ المواهب، وبطولات تنافسية!
تقفز الى الواجهة في الوقت الراهن أحاديث حول ما أحدثه فايروس كورونا المستجد (كوفيد 19) من تغييرات كبيرة في تعاطي الناس مع الحياة الجديدة، في ظلّ التخوّف الذي ضرب المعمورة كُلها جرّاء التفشّي الحاصل في الدول وإصابة الملايين بهذا الوباء اللعين!
لقد توقفت الرياضة وشلّت حركة التنافس الفعلي وأرجأت بطولات وألغيت منافسات أخرى وتعطّلت فعّاليات كبرى كدورة الألعاب الأولمبية بسبب الواقع المُزري الذي عاشه العالم، وما يزال، إذ وصل الحال الى أن يبحث جميع سكان الأرض الى مأوى في بقع هذه الأرض للتخلّص من خطر الإصابة من الفايروس!
كورونا، فايروس قفز الى واجهة كل شيء في العالم، وكان الحديث عنه واقع حال، فمنذ ستة أشهر والوباء يُهيمن بأرقامه من حيث الإصابات وحالات التعافي والوفيات على عناوين وواجهات الصحف والقنوات والإذاعات ووكالات الأنباء والمواقع الإلكترونية، كل ذلك نتيجة عدم اكتشاف اللقاح أو المصل الذي يمكنه أن يوقِف هذا الانتشار السريع للجائحة التي غزت الدُنيا!
وهنا أيها الاخوة، لا أريد أن أتحدّث عن تداعيات الجائحة، أو الاسباب التي أدت الى انتشارها أو كيفية حماية الناس لأنفسهم، بقدر ما أريد أن اوصله من فكرة بالنتائج التي ستحصل أو امكانية تعايش العالم مع الجائحة التي ما زالت جاثمة وتتفشّى هنا وهناك دون أن تفرّق بين هذا وذاك، تُقلق الجميع وتُنذر بوقوع كوارث انسانية!
نعم .. الأوضاع الرياضية ستتبدّل والأحوال كُلّها ستتغيّر وتنقلب رأساً على عقب، بكل الاتجاهات من حيث التسويق الرياضي والمنافسات التي ستحدث أو حتى من حيث الدعم والرعاية وحقوق النقل التلفازي أو عقود اللاعبين النجوم ومشاهير المدربين مع الأندية أو المنتخبات الوطنية!
أجزم، وفقاً لتقارير صحفية من مصادر صحية، كمنظمة الصحة العالمية، إن كورونا فايروس سيدخل حيّز المستوى الأخطر في شهري أيلول وتشرين الأول المقبلين، ممّا يعني أن هناك بطولات ودوريات ستواجه مصاعب كبيرة في المنافسات، التي قد لا تصل الى مستوى الطموح، نتيجة غياب الجماهير من جهة وفرض إجراءات صحّية بهدف الوقاية من الإصابات التي وصلت الى أرقام مخيفة، وقد ترتفع لتصل الى مراحل أخطر!
المرجّح هو أن العالم الافتراضي الرياضي الجديد، سيبدأ بالظهور، فالبطولات التنافسية ستشهد انتشار فعاليات (أونلاين) تطبيقاً لنظرية التباعد الاجتماعي، وعدم احتكاك الرياضيين فيما بينهم، حتى ان ألعاباً كالرماية والتنس الأرضي والقوس والسهم والبولينغ والسكواش والشطرنج وغيرها من منافسات ستُلعب عن طريق شبكة المعلومات الدولية الإنترنت، وهي فرصة أيضاً في أن تنشأ برامج إلكترونية عديدة تعتمد من قبل الاتحادات الدولية الرياضية تشرف على المسابقات عن بُعد!
عالم افتراضي رياضي سيتصدر الواجهة ويدخل من يرغب بالاشتراك في البطولات ليلعب في جولات وصولاً الى مرحلة التتويج إلكترونياً بميداليات ذهبية وفضية وبرونزية، مثلما يحصل على شهادة مشاركة في تلك البطولة، عالمية كانت أم دولية أو إقليمية!
لا أريد أن أكون متشائماً وأدق أسفين التخوّفات في أساسات أنشئِت على معطيات ثابتة وليست متغيّرة منذ أن انتشر الفايروس، لكنها ستتبدّد إذا ما وصل علماء الطب الحديث الى اختراع اللقاح الذي يكبح جماح انتشار كورونا فايروس، والأهم أن نفكّر بالحلول والحلول الآنية السريعة التي تفرض نفسها حلولاً مؤقتة، قد لا تكون جذرية أو ترقيعية على أقل التقديرات!
الحلول التي نتوقعها يجب أن تسهم في رفع الحالة المعنوية للرياضيين إداريين كانوا أم مدربين أو لاعبين يخوضون غمار المباريات أم صحفيين يكتبون وصفاً لما يجري من خلال الشاشة وليس من أرض الواقع، أو حكام يرتدون الكمامات والقفازات حتى لا ينالوا البطاقة الصفراء فالحمراء ويخرجوا من الملعب أو القاعة الى مشفى الحجر الصحي!
باختصار الجائحة ضربت كل شيء وغيّرت كل شيء وستغيّر كل شيء، بل إنها رفعت شعار لا منافسات لا احتدام لا اقتراب أو احتكاك! وأبعد الله عنكم هذا الوباء اللعين، ورحم الله ضحايا كورونا فايروس!