TOP

جريدة المدى > عام > رد على مقال: أي الفضائح فضائح ؟!

رد على مقال: أي الفضائح فضائح ؟!

نشر في: 16 يوليو, 2020: 07:28 م

سهيل كبة

لم تعتد المجلات والصحف الرصينة الملتزمة بإشاعة ثقافة حقيقية هادفة والتي نضع(المدى) بلا غلو ولا ملق في طليعتها- طرح ما يخوض في خصوصيات البشر ،نكرات أو مشاهير، ,إعلاماً او أقزاماً ,خصوصاً إذا لم يكن لها علاقة بكشف قيم إبداعهم أو طبيعة مواقفهم الفكرية.

وعلى الصفحة الثقافية للمدى في العدد 4696 بتاريخ 18/6/2020 وهي الصفحة التي لاينكر أحد المستوى العالي الذي تتمتع به والدور المعرفي المتميز الذي تؤديه للثقافة العراقية بأقلام كتاب جلهم من أعلام الأدب والفكر عراقياً وعربياً وما تقدمه مترجماً .لتكون فصلاً حيوياً من مدرسة المدى الصحفية ,نشرت موضوعاً (فضائح الشعراء ) والذي تعرض فيه كاتبه لشؤون حياتية ذات خصوصية حساسة لمشاهير مبدعين يشكلون جزءاً مهماً من تاريخنا الإبداعي وارثنا النضالي الوطني والقومي والإنساني . نهشاً ونبشاً بخصوصيات حياتية ,غير لائقين بالبحث أو حتى الكتابة العمومية السطحية ,بسقطات أو لقطات من حياة شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري وشاعر المقاومة الفلسطينية الأبرز محمود درويش الذي هدر صوت الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات وهو يعتلي لأول مرة منصة الامم المتحدة بأشعاره ليؤكد هوية سعت الى طمسها كل المؤامرات الامبريالية من أواخر القرن التاسع عشر والى يومنا هذا أو التلميح أو التصريح ب(تهم) قيلت بحق ذوات بألسنة سواهم في مناسبات عارضة وعابرة .

هل ما نسب الى هؤلاء يشكل ركناً جوهرياً في قيمتهم الإبداعية ؟!!

بالنسبة الى (المشينة)التي نسبت الى محمود درويش غير المؤكدة طبعاً نطلق بوجه مطلقها سليم بركات ما ملخصه اتغمض عينيك عن القامة والهامة العاليتين لمحمود درويش وتقفل مسارب عقلك عن إرثه الثر في نقل القضية الفلسطينية الى صعد عالمية وإبداعه قصيدة فلسطينية عربية كونية كانت رمحاً آسن في صدر الدوائر الصهيونية وتفتش في جيوبه أو جيوبك عن قول تنسب إليه ابنة من امرأة مجهولة .وهذا أحد المطاعن في مصداقية روايتك مضافاً إليه أن لا أحد من معارف درويش المقربين إليه أكثر منك ذكر يوماً ما زعمت ولا نريد الإطالة في المطاعن الكثيرة فالأمر المشين حقاً أن نخوض في خصوصيات الآخرين خصوصاً الأموات منهم .

ويعرج كاتب المقال على حادثة عابرة في حياة الجواهري الكبير وعابرة في حياة الكثيرين من الناس وخصوصاً الشعراء وهذا ما نص عليه في مقاله (فالشعراء ليسوا ملائكة ولا أنبياء)وإن مفتتح(جلساتهم الخاصة الحديث عن المغامرات النسوية ), وإذا ربطنا هذه الفقرة بفقرته عن السياب التي يذكر فيها أن السياب في مقالته الموسومة كنت شيوعياً (تحدث عن فضائح جنسية لأصدقاء ومثقفين ) قد يحٍمٌل الموضوع غرضاً سياسياً . فما جدوى أو ما الأغراض الكامنة وراء هذا التصيد لهفوات أو نزوات لا تلحق ضرراً بأحد ولا تسيء لأحد في حياة شاعر امتدت جيلين محمولاً على الخطر ولم يرح ركابه من أين ولا سفر ؛شاعر كافح وجابه وتقحم أزيز الرصاص محمولاً على أعناق الجماهير, أية عين كليلة أو رمداء أو عوراء بل عمياء لا ترى كل ذلك وتسلط الضوء على خصوصية- كبرت أو صغرت -تظل أمراً شخصياً من المعيب الخوض فيه .

ما تعلمناه -ويبدو أننا ما زلنا بحاجة ماسة لنتعلمه أكثر- من الثقافة الحقة في العالم المتمدن أن الفضائح والمعايب تلك التي تتعلق بموقف الإنسان من قضايا الإنسان؛ نبذت الدوائر الثقافية المتخصصة والعامة إزرا باوند على فرادته وتفوقه الإبداعي لممالأته الفكر النازي واستبعد بورخس من الظفر بجائزة نوبل للاداب منتصف ستينيات القرن الماضي لتعايشه مع الديكتاتورية في الأرجنتين ,وطالبت المؤسسات الثقافية الرصينة بتجريد غونتر غراس من الجائزة نفسها لظهور شبهات حول تعاونه مع النازية ,وبعد عام 2003رفض أدباء عراقيون خارج العراق استقبال عبد الرزاق عبد الواحد ما لم يعتذر للشعب العراقي عن شنائعه في تمجيد الطاغية وكان المفروض أن يطالبوه بالاعتذار مرتين الأولى للسبب آنف الذكر والثانية لولوغه في ضرب الحداثة الشعرية العراقية التي تقدمت الحداثة الشعرية العربية جيلين شعريين ليعيد الشعر العراقي الى القصائد الطنانة الرنانة المادحة الرادحة وليخلق معه زمرة ممن اقتفوا أثره طمعاً بما ناله من حظوات وأعطيات تفننت دوائر النظام في استثمارها لتظهر لنا جوقة أخرى تحذو حذوه كلؤي حقي ورعد بندر وعلي الإمارة ورعيل ثالث اصطف وراءهم ليمارس الدور نفسه ومنهم كاتب المقالة التي نحن بصدد مناقشتها والذي مدح الطاغية بقوله :

فيك استوى الزاهدان الخلق والخلق 

بل وذهب الى أبعد من ذلك إذ ما علاقة فحولة امرئ القيس أو عجزه الجنسي بالفضائح!!المطروحة بالمقالة ؟؟

وماحدوتة (تضريب النسل)التي بطلها الشعراء الفحول حيث يأتيهم الاعراب بنسائهم ليناموا معهن ويستولدوهن فحولاً شعرية على شاكلتهم .نتساءل هل كانوا يقومون بذلك على وفق قانون مندل أم بعملية الاستنساخ على وفق الهندسة الوراثية .أين اذن مسألة أصالة النسب والحسب التي طبقت الآفاق بألسنة العربان والركبان تفاخر بها في كل زمان ومكان 

هل نحتاج الى طه حسين آخر بعد قرن من إعمال مشرطه الديكارتي في خزعبلات النَقَلَة وتخريفات الأخيلة وترهات الأمثلة. 

نعم نحتاج الى أكثر من طه حسين ليدرأوا خطر مثل هذه القناعات وينجَوا عقول طلبة جامعاتنا منها .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

النوبة الفنيّة أو متلازمة ستاندال

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا

تخاطر من ماء وقصَب

موسيقى الاحد: كونشرتو البيانو الثالث لبيتهوفن

التقاليد السردية بين الأصالة والأقلمة

مقالات ذات صلة

أدباء: الشعر لم يخل عرشه فما زال يتشبث وأثبت بأنه يحتفظ بالقدرة على التنويع والتجديد
عام

أدباء: الشعر لم يخل عرشه فما زال يتشبث وأثبت بأنه يحتفظ بالقدرة على التنويع والتجديد

علاء المفرجي يرى الكثير من القراء والنقاد انه كان للرواية ظهور واضح في المشهد الأدبي العراقي خلال العقود الثلاث الأخيرة، فهل استطاعت الرواية أن تزيح الشعر من عليائه؟ خاصة والكثير من الشعراء دخلوا مجال...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram