اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: فولتير بطعم عراقي

العمود الثامن: فولتير بطعم عراقي

نشر في: 16 يوليو, 2020: 09:44 م

 علي حسين

ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءًا من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه، وأتذكر أن أستاذي هذا كان يردد دومًا أن أفكار فولتير وكلماته مهدت للثورة الفرنسية،

وبعد سنوات عثرت في مجلة الكاتب المصرية على مقال كتبه طه حسين عن فولتير فيه معلومات قيمة عن هذا الفيلسوف، وعرفت أن فيلسوف الثورة الفرنسية إضافة لاهتمامه بالفكر ومشاغله، فهو روائي وكاتب لعدد من المسرحيات، بعدها حصلت على روايته الشهيرة "كانديد" بترجمة لواحد من شيوخ المترجمين "عادل زعيتر" وهي رواية كتبها فولتير عام 1755 تناول فيها المأساة التي تعرضت لها مدينة لشبونة جراء زلزال ضربها، وفيها حاول أن يقدم فلسفته في التسامح، حتى أن كاتبًا مثل بورخيس يصفها بقوله "لا يزال المؤلف فيها يستفز الناس بأفكار شكلت آنذاك وسيلة لنشر قيم عصر التنوير". بعدها وقعت في يدي أعداد من مجلة الرسالة المصرية فإذا بي اكتشف أن العراقيين سبقوا العرب جميعًا في التعريف بهذا الفيلسوف، ففي عام 1936 يكتب الأب أنستاس الكرملي مقالًا عن فيلسوف التنوير، والمقال فيه شرح وافٍ لفكر فولتير وفلسفته، ويسلط الكرملي الضوء على موضوعة قيمة العقل التي صبغت فلسفة فولتير. يقول الكرملي: يجب أن تفكر أنت.. فكر لنفسك.. يجب أن تتشكك في كل ما يقال لك.. إذا أخطأت فلأنني حاولت أن أعرف، وإذا عرفت فأنني أخطئ، لأن الذي عرفته قليل جدًا، والذي لا أعرفه كثير جدًا، ثم يمضي الأب الكرملي بالقول إن فولتير ولجرأة أفكاره اتهم بتضليل الشباب وإفساد الرأي العام والوقوف بوجه الدين، ويضيف "هو الرجل الذي حول الغضب إلى سخرية، والذي حطم الأصنام"، وينقل الكرملي عن فولتير عبارته الشهيرة "إن الدول بكل أجهزتها وجبروتها لا تستطيع أن تقاوم سلاحًا يطلق النار في كل الاتجاهات اسمه "الكلمة"..

يكتب الرصافي عام 1921 "في الإستانة اطلعت على كتب الفيلسوف الذي شغل العصر، فولتير، ووجدت دعوته للفكر وأحكام العقل صدى في نفسي، حتى أنني نظرت إلى حال أهلنا في العراق وتمنيت عليهم أن يأخذوا بأفكار هذا الثائر"، الذي وصفه بقصيدة شهيرة

بفكرك دوحة العرفـــــــان تنمــــــو... كـــذا الأدواح تنمو بالضـــــــــــــياء

أيها السادة، المواطن العراقي يريد أن يدخل عصر التسامح فقد قدم هذا الشعب للعالم عقولًا متسامحة مثل الكرملي وعلي الوردي والجواهري ومحمد حديد وجواد علي وجواد سليم.. ولهذا أتمنى على مسؤولينا أن يقرأوا رسالة فولتير في التسامح، لا كتاب ميكافيللي في فلسفة الحكم.. نريد أن يُفتح باب الأمل للعراقيين وتتوسع لهم نوافذ المستقبل، فآلة الرياسة سِعَة الصدر، كما قال إمام الحكماء علي بن أبي طالب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تغيير جذري في قرعة دوري أبطال أوروبا

النقل العام في العراق.. حل مؤجل لازمة دائمة

بالصور| تشييع جثامين شهداء الحشد الشعبي الذين ارتقوا أثر القصف على شمال بابل

مع الاغلاق.. أسعار الدولار تستقر في بغداد وترتفع باربيل

النزاهـة: كـشف مخالفات بعقـد قيمته (٤,٥) مليارات دينار في كربلاء

ملحق منارات

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

 علي حسين تنقل لنا الأخبار، بين الحين والآخر، عدداً من البشارات أبرزها وأهمها بالنسبة لهذا الشعب " البطران " هو الاجتماع الأخير الذي عقده الإطار التنسيقي ، وفيه أصدر أمراً " حاسما "...
علي حسين

قناطر: الجامعة العراقية وفخرية الدكتوراه لضياء العزاوي من لندن

طالب عبد العزيز تنهدم البلدان بتخليها عن تقاليد شعوبها، وقد أثبتت التجارب في المجتمعات العريقة المحتفظة بتقاليدها أنَّ ذلك هو الصواب. ولسنا في وارد الحديث عن التقاليد، أيِّ تقاليد إنما ما هو حياتيٌّ، ونبيلٌ،...
طالب عبد العزيز

مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.. في المنطق القانوني

د. اسامة شهاب حمد الجعفري يحتل قانون الاحوال الشخصية في حياة الفرد مركزا حساساً لارتباطه ارتباطاً وثيقاً بتنظيم حياته الاسرية وتعلقه بمعتقدات الفرد ومركزه الاجتماعي. فمن الطبيعي جداً ان تتجاذبه الاراء خاصة وانه اضاف...
د. اسامة شهاب حمد الجعفري

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

د. طلال ناظم الزهيري في عالم محكوم بالصراع والتنافس، تظهر مفاهيم وممارسات جديدة تقود هذا التنافس وتتحكم في إيقاعه لصالح طرف أو آخر. واليوم، ومع المد الجارف لمواقع التواصل الاجتماعي ودورها المؤثر في تشكيل...
د. طلال ناظم الزهيري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram