TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: عودة علي كيمياوي

العمود الثامن: عودة علي كيمياوي

نشر في: 18 يوليو, 2020: 09:02 م

 علي حسين

عاش علي الوردي ومات، وهو ينتمي الى فكر وثقافة مضادة لإثنين، وعاظ السلاطين وشيوخ الطائفية.. كلاهما كان وراء مصادرة ومحاربة مؤلفاته، وعاظ السلاطين، الكتاب الذي جلب العداوة للراحل، وجعل منه هدفًا للمتطرفين من كلا الطائفتين السُنّة والشيعة.

في وعاظ السلاطين حكايتنا جميعًا مع مندوبي الطائفية الذين يعتقدون أن الحــلَّ لأزمات البلد هو تحويل الشعب إلى قبائل، كل منها تبحث عن مظلوميتها.. المهم أن يجد الشيعي خلاصه في مطاردة السُنّي، وأن يرى السُنّي سعادته في تحقير الشيعي وشتمه والانتقاص منه.

علي الوردي كتب "وعاظ السلاطين"بعد كتابه "مهزلة العقل البشري" الذي أثار عليه وعاظ الخرافة، وهو أول كتاب ينشد فيه الوردي التغيير الذي لايتحقق إلا من خلال نقد مفاهيم اجتماعية تعشّش في الرؤوس منذ قرون. يكتب في وعاظ السلاطين: "وما دام السلطان الظالم محاطًا بالفقهاء والوعاظ، وهم يؤيدونه فيما يفعل ويدعون له بطول البقاء، فمتى يستطيع أن يحس بأن هناك أمة ساخطة؟".

هذا ما يجعل الوردي، وهو ينحاز إلى المواطن البسيط المبتلى بفرسان الطائفية ووعاظها، يضيف إلى قدراته كعالم اجتماع ميزة أخرى هى الجمع بين المثقف ورجل التنوير. وبين التعرف على خزعبلات التاريخ الذي يصر الآن معظم الساسة على أن نبقى نعيش فيه ولا نغادر حوادثه، وبين المستقبل الذي لا يمكن الدخول إليه بلباس طائفي وعقول تعيش في القرن الأول الهجري.. ولهذا سيظل كتاب وعاظ السلاطين أقرب نبوءات علي الوردي للعراقيين.

اليوم، وعاظ السلاطين يصرون على أن نعيش في ظل أزمات طائفية لا تنتهي، حيث تعالت الأصوات بإفراغ منطقة الطارمية من أهلها لأنهم كما أخبرونا "إرهابيين"، بعد الهجوم الإرهابي الأخير الذي استهدف القوات الأمنية واستشهد فيه العميد الركن علي غيدان، فقد تعالت الأصوات الطائفية بمعاقبة جميع سكان المنطقة، بل إن البعض طالب بأن تضرب الطارمية بالسلاح النووي، ليعيد لنا أمجاد علي كيمياوي، بل إن إعلاميًا يحمل صفة شاعر طالب بأن تكون هذه المنطقة "منزوعة السكان"، ولأنه شاعر ومرهف الأحاسيس فقد اقترح على الدولة أن تسكنهم في مناطق أخرى ، مهتديًا بما فعله نظام صدام مع بعض المناطق التي ثارت عليه.. ولم يستنكر هذا الإعلامي "اللوذعي" جريمة مقتل هشام الهاشمي، ولا طالب بأن تنزع المنطقة التي قتل فيها من السكان.. لأن القضية في النهاية هي مجرد "شو" طائفي. 

حذرنا علي الوردي من مندوبي الخراب والجهل، هؤلاء الذين يرفضون أن نتساوى جميعًا في المواطنة.. عقلية تعادي ما ليس يشبهها.. ولا تجـد للآخر سوى طريقين، إما الرحيل أو القتل.. ثارات لا نهـاية لها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Anonymous

    مقال معبر عن بقاء الذهنية الطائفية والعشارية الضيقة في عقول البعض ممن يعتاشون على إثارة الازمات التي لن تعبر البلد باتجاه الانفتاح والتنوير العقلي البناء

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram