تواصل المدى نشر الأعمدة الثقافية، والتي سبق وأن أرسلها الفنان الرائد الراحل سامي عبد الحميد إلى المدى، بغية النشر. والمدى إذ تنشر هذه الأعمدة تؤكد الحضور الثقافي الفاعل الذي كان يميز فناننا الكبير.
سامي عبد الحميد
2-3
تمثل مسرحية ديفيد ياونول (الطبقة المتسيدة) الأرضية الوسط بين مسرحيات السيرة عن الفنانين المشهورين بالتركيز على الفنانين أنفسهم وبين المسرحيات الأخرى التي توظف الشخصيات الفنية لمهام عامة أكثر من المهام الخاصة . الشخصيات الفنية في (الطبقة المتسيدة) هي (بروكوفييت) و(شوستاكوفيش) واللذان يطبقان المقولة بأن الفن لا يمكن أن يصف علاجاً أو يكون وسيلة لخدمة هدف غير فني . ولهذا المعنى فالفن والفنانون مستقلون يعبرون عن أمزجة الدكتاتور ستالين ، وقد وضعت المسرحية عام 1948 وفي الكرملين. وقد التقى بهما ستالين ليشرح لهما مع وزير الثقافة (اندريه زهدانوف) ما هو صحيح وما هو جيد في الموسيقي السوفيتية وما هو المفضل فيها ، علاوة على التركيز على الاستخدامات السياسية (الروائية) المضادة للشخصيات الرئيسة الأرجح فقد عرض (ياونول) معاناة المؤلفين الموسيقيين وقدراتهما على المحافظة على كرامتهما الذاتية واستقامتها الفنية تحت الإكراه .
كان المعيار الثالث للتفريق بين مسرحيات السيرة هو صورة الشخصيات التي أظهرها النص ، فالبعض منها ترينا الفنانين داخل أنفسهم مثل (موزارت) و(ساليري) في مسرحية (أماديوس) لشافير ، و(بروكونيف) و(شوستاكوفيش) في مسرحية (الطبقة المتسيدة) لياونول ، والشاعرين (أرين) و(ساسون) في مسرحية (ليس حول الأبطال) لماكدونالد ، و(غيرترود شتاين) و(الدليل) لأليس بي توكلاس وغير ترود شتاين. مسرحيات أخرى تقدم صوراً أوسع وتضع الشخصيات الفنية المركزية مع شخصيات أخرى قد لا تكون فنية بالضرورة .
فما هو موقع تلك المسرحيات بالنسبة الدراما البريطانية المعاصرة ، تحدد بداية الحقبة الجديدة في تطور الدراما البريطانية في القرن العشرين أول عرض لمسرحية جون أوزيورن (أنظر إلى الماضي بغضب) في الثامن من مايس عام 1956).
وكانت تلك المسرحية قد أسست ثورة في المسرح البريطاني وتشير إلى أن المسرحية ليست إلا امتداداً لتطور كان موجوداً سابقاً في تقاليد الشكل والمضمون. عَبَر (اوزبورن) ودراميون آخرون في زمنه عن مشاعر جيلهم إذ كانوا محبطين بشأن التطورات التي حدثت بعد الحرب.
وعلى المستوى الشخصي فقد استفاد العديد منهم من قانون التعليم لعام 1944 والذي مَكَنَ أطفال الطبقة العاملة بسهولة الدخول على المدارس والجامعات المرغوبة فإن ذلك القانون في مثّل تلك الحالة من فقدان معرفة الوجهة التي يتجه إليها الأطفال وغربتهم عن بيئتهم الاجتماعية الأصلية والتي لم تكن بالضرورة قد استبدلت بروابط اجتماعية جديدة . وكانت النتيجة تشوش جيل الشباب على المستوى الذاتي والذي تعزز بالأحداث السياسية من أزمة قناة السويس وغزو روسيا لهنغاريا وبداية الحرب الباردة .