ترجمة: عدوية الهلالي
بعد صدورها في مطلع العام الجاري عن دار فالوا للنشر، تقدم المكتبة الصوتية الفرنسية إصداراً صوتياً لرواية (لغز الغرفة 622) للكاتب السويسري الشهير جويل ديكر، وهي طريقة جديدة تقدمها المكتبة الصوتية لمحبي الأدب للتعمق في الخيال..
ويعد ديكر البالغ من العمر 34 عاماً من أكثر الكتاب الفرانكفونيين قراءة، كما أنه سبق وأن حاز على جائزة الأكاديمية الفرنسية عن روايته (خفايا قضية هاري كيبر) الصادرة في عام 2012، بالإضافة الى جائزة غونكور لأفضل رواية لطالب ثانوي عن روايته (كتاب بالتيمور).. ويمكن اعتبار روايته الأخيرة (لغز الغرفة 622) مثالية لاكتشاف هذا الشكل الأدبي، فهي غنية بالألغاز والتقلبات، وتأخذ قارئها في تعرجات سويسرا ليكتشف أن سويسرا ليست هادئة تماماً..
تتحدث الرواية عن جويل ديكر نفسه، والذي سئم من العزلة وأحزنته كثيراً وفاة ناشره وصديقه برنارد دي فالوا فقرر منح نفسه شيئاً من الرفاهية من خلال قضاء إجازة لعدة أيام في قصر فيربير في جبال الألب في سويسرا، حيث تقع جريمة قتل قبل سنوات في أحدى ليالي الشتاء ولاتتمكن الشرطة من كشف ملابساتها..وعندما يذهب ديكر لقضاء إجازته في الفندق الذي حدثت فيه الجريمة، يجد نفسه رغماً عنه منغمساً في حل لغز هذه القضية، إذ يتعرف على الجميلة سكارلت التي تشغل
الجناح المجاور له وتنبهه الى وجود تبديل غريب في أرقام الغرف إذ يتم تكرار رقم الغرفة (621) بدلاً من استخدام الرقم (622) وهومايقودهما الى اكتشاف أمر وقوع جريمة قديمة فيها..
يجيد ديكر في هذه الرواية اللعب على أوتار الزمن فينتقل ببراعة بين السنوات ويسحب القارئ الى لعبة حل اللغز، وتضم أيضاً، "ماكير ابيزنير"، وهو وريث أحد أقوى البنوك الخاصة في سويسرا، لكن ثروته مهددة من قبل منافس بارز..
ويخوض هذا الثلاثي أحداث الحب والتجسس والوجه الخفي للمال مواجهاً العديد من المفاجآت والتقلبات والمنعطفات وكل مايمكن أن يتوفر لتقديم لحظات لذيذة تكتنفها الألغاز..وقد قام الممثل ستيف دريسين بقراءة النسخة الصوتية من الرواية بايقاع وتناغم لايقاوم، ماأعطى بعداً إضافياً لهذه الرواية الغزيرة، إذ تأقلمت نبرة صوت الممثل بشكل رائع مع الحوارات لتمنح الحياة لشخصيات لاتنسى، سواء كان جويل ديكر أو سكارلت، الذين ترافق تبادلاتهم المناكدة للغرف الكثير من الاكتشافات المثيرة النابضة بالحياة،والوريث ماكير ابيزنير المتسامح وطيب القلب الذي يخبئ تحت مظهره الأخرق أسرارالمغامر لمنافسه الفاتن ليف ليفوفيتش، أو الساحرة أنستاسيا، الزوجة البرجوازية التي تحلم بالهروب والحرية..
ويأخذ التحقيق في اللغز الذي يقوم به ديكر في النسخة الصوتية بعداً مذهلاً إذ تبرز قيمة الإيقاع المحموم للقصة من خلال هذه القراءة المجسدة،حيث يستخدم ستيف دريسين تأثيرات المفاجأة، ويعرف كيف يُسرع أو يبطئ في قراءته ليثير القلق أو يضاعف الفضول ولكي يصل الى ذروة عواطف الشخصيات..كما أن جويل ديكرالمبدع لاينسى أن يُشدد في بعض المقاطع على الفكاهة لأنها مطلوبة أيضاً..وهكذا تصبح هذه الرواية حليفاً مثالياً للحظة أدبية يمكن أن يعيشها القارئ صوتياً بشكل مكثّف حتى لو كانت عيناه مغلقتين..بهذه الطريقة، أصبح جويل ديكر ظاهرة أدبية منذ ظهوره، وخلال عدة سنوات، تمكن من التربع على قمة مبيعات الكتب والفوز بالجوائز الأدبية المهمة....